للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعقد جديد؛ ولا ترثه إن مات، ولا يفيدها دعواها أنها رأت أول الدم من الحيضة الثالثة وانقطع قبل استمراره المعتبر، وهو يوم أو بعضه (١).

[مذهب الشافعية]

جاء في (المهذب): أنه إذا طلق الحر امرأته بعد الدخول طلقة أو طلقتين، أو طلق العبد امرأته بعد الدخول طلقة فله أن يراجعها قبل انتهاء العدة (٢).

لقوله عز وجل: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٣). والمراد به: إذا قاربن أجلهن.

وروى ابن عباس عن عمر - رضى الله عنهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "طلق حفصة وراجعها" (٤).

وروى أن ابن عمر - رضى الله عنهما - طلق امرأته وهى حائض، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: "مُر ابنك فليراجعها" (٥). فإن انقضت العدة لم يملك رجعتها لقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} (٦). فلو ملك رجعتها لما نهى الأولياء عن عضلهن عن النكاح، فإن طلقها قبل الدخول لم يملك الرجعة؛ لقوله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} (٧).

فعلق الرجعة على الأجل فدل على أنها لا تجوز من غير أجل، والمطلقة قبل الدخول لا دة عليها؛ لقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} (٨).

وإذا طلق الرجل امرأته بعد الدخول وتزوجت في عدتها بآخر ووطئها جاهلًا بتحريمها وجب عليها إتمام عدة الأول واستئناف عدة الثاني، ولا تدخل عدة أحدهما في عدة الآخر؛ لما وى سعيد بن المسيب وسليمان بن بشار أن طليحة كانت تحت رشيد الثقفى فطلقها، فنكحت في عدتها فضربها عمر - رضى الله عنه - وضرب زوجها بمخفقة (٩) ضربات، ثم قال: "أيما امرأة نكحت في عدتها فإن كان زوجها الذي تزوجها لم يدخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول، وكان خاطبًا من الخطاب .. وإن كان دخل بها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم اعتدت من الآخر ولم ينكحها أبدًا" (١٠). ولأنهما حقان مقصودان لآدميين فلم يتداخلا كالدينين فإن كانت حائلًا انقطعت عدة الأول بوطء الثاني إلى أن يفرق بينهما؛ لأنها صارت فراشًا للثانى فإذا فرق بينهما أتمت ما بقى من عدة الأول ثم استأنفت العدة من الثاني؛ لأنهما عدتان من جنس واحد فقدمت السابقة منهما، وإن كانت حاملًا نظر فإن كان الحمل من الأول انقطعت عدتها منه


(١) الشرح الكبير بحاشية الدسوقى: ٢/ ٤٣١ - ٤٢٣.
(٢) المهذب: ٢/ ١٠٢.
(٣) سورة البقرة، آية: ٢٣١.
(٤) سنن أبى داود، كتاب الطلاق، باب في المراجعة، وسنن ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب حدثنا سويد بن سعيد. وسنن الدارمى، كتاب الطلاق، باب في الرجعة.
(٥) صحيح البخارى، كتاب الطلاق، الباب الأول. وصحيح مسلم، كتاب الطلاق، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها .. إلخ.
(٦) سورة البقرة، الآية: ٢٣٢.
(٧) سورة البقرة، الآية: ٢٣١.
(٨) سورة الأحزاب. الآية ٤٤
(٩) المخفقة الشيء يضرب به سير أو درة التهذيب انظر اللسان مادة خق: ١٠/ ٨٠.
(١٠) موطأ مالك، كتاب النكاح، باب ما لا يجوز من النكاح. وسنن البيهقي، كتاب العدد باب اجتماع العدتين، ومسند الشافعي، كتاب العدد.