للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان أغمى عليه أياما أو أصابه ألم فسد اعتكافه وعليه اذا برئ أن يستقبل لأنه لزمه متتابعا وقد فاتت صفة التتابع فيلزمه الاستقبال.

ولو حاضت المرأة فى حال الاعتكاف فسد اعتكافها لأن الحيض ينافى أهلية الاعتكاف لأنه لا صنع له فيه فلم يكن جماعا ولا فى معنى الجماع ثم ان أمكنه الاغتسال فى المسجد من غير أن يتلوث المسجد فلا بأس به والا فيخرج فيغتسل ويعود الى المسجد ولا بأس للمعتكف أن يبيع ويشترى ويتزوج ويراجع ويلبس ويتطيب ويدهن ويأكل ويشرب بعد غروب الشمس الى طلوع الفجر ويشرب بعد غروب الشمس الى طلوع الفجر ويتحدث ما بداله بعد أن لا يكون مأثما وينام فى المسجد (١) والمراد من البيع والشراء هو كلام الايجاب والقبول من غير نقل الأمتعة الى المسجد لأن ذلك ممنوع عنه لأجل المسجد لما فيه من اتخاذ المسجد متجرا لا جل الاعتكاف (٢).

ما يترتب على فساد الاعتكاف:

واذا فسد - فالذى فسد منه لا يخلو اما أن يكون واجبا وأعنى به المنذور وأما أن يكون تطوعا فان كان واجبا يقضى اذا قدر على القضاء الا الردة خاصة لأنه اذا فسد التحق بالعدم فصار فائقا معنى فيحتاج الى القضاء جبرا للفوات.

غير أن المنذور به ان كان اعتكاف شهو بعينه يقضى قدر ما فسد لا غير ولا يلزمه الاستقبال كالصوم المنذور به فى شهر بعينه واذا فطر يوما انه يقضى ذلك اليوم ولا يلزمه الاستئناف كما فى صوم رمضان. واذا كان اعتكاف شهر بغير عينه يلزمه الاستقبال لأنه يلزمه تتابعا فيراعى فيه صفة التتابع وسواء فسد بصنعه من غير عذر كالخروج والجماع والأكل والشرب فى النهار الا الردة أو فسد بصنعه لعذر كما اذا مرض فاحتاج الى الخروج فخرج أو بغير صنعه رأسا كالحيض والجنون والاغماء الطويل لأن القضاء يجب جبرا للفائت والحاجة الى الجبر متحققة فى الأحوال كلها الا أن سقوط‍ القضاء فى الردة عرف بالنص وهو قوله تعالى: «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ} (٣)» وقول النبى صلّى الله عليه وسلّم الاسلام يجب ما قبله والقياس فى الجنون الطويل ان سقط‍ القضاء كما فى صوم رمضان الا أن فى الاستحسان يقضى لأن سقوط‍ القضاء فى صوم رمضان انما كان لدفع الحرج لأن الجنون اذا طال قلما يزول فتكرر عليه صوم رمضان فيخرج فى قضائه وهذا المعنى لا يتحقق فى الاعتكاف (٤).

وأما اعتكاف التطوع اذا قطعه قبل تمام اليوم فلا شئ عليه فى رواية الأصل وفى رواية الحسن رحمه الله تعالى يقضى بناء على أن اعتكاف التطوع غير معتد فى رواية محمد عن أبى حنيفة وفى رواية الحسن عنه مقدر بيوم (٥).

[مذهب المالكية]

جاء فى بلغة السالك. أن من اعتكف فى غير الجامع وهو ممن تلزمه الجمعة ووجبت عليه الجمعة وهو فى معتكفه وجب عليه أن يخرج لها وقت وجوب السعى لها وفى بطلان اعتكافه بذلك الخروج وعدم بطلانه أقوال ثلاثة:

فيها الجمعة.

البطلان مطلقا. وهو المشهور وعدمه وهو رواية ابن الجهم رحمه الله تعالى عن ذلك والتفصيل وذلك اذا نذر أو نوى أياما فأخذه

وأما لو نذر أياما لا تأخذه فيها الجمعة فمرض فيها بعد أن شرع ثم خرج ثم رجع يتم وصادف


(١) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١١٦
(٢) المرجع السابق ج ٢ ص ١١٧
(٣) الآية رقم ٣٨ من سورة الأنفال.
(٤) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع المرجع السابق مسعود الكاسانى ج ٢ ص ١١٧
(٥) المرجع السابق ج ٢ ص ١١٧