للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وان اقر المفلس بعين كقوله غصبتها أو استعرتها أو استودعتها قبل الحجر او بعده فانه يقبل منه ذلك فى حقه اتفاقا وفى حق الدائنين ايضا فى أظهر الاقوال، فيأخذ المقر له العين بدون ان يحلف المفلس على المعتمد. وكذلك يقبل اقراره بالدين فى حق الدائنين فى الاظهر ان اسند وجوب الدين الى ما قبل الحجر بمعاملة مثلا وان لم يلزم الا بعد الحجر كبيع مع خيار لأن الضرر فى حقه بالاقرار بالعين أو الدين أكثر منه فى حقهم فتبعد تهمة المواطأة، وعلى هذا لو طلب الدائنون تحليفه على ذلك لم يحلف على الاصح، لأنه لو امتنع لم يفد امتناعه شيئا اذ لا يقبل رجوعه على الصحيح. بخلاف ما اذا طلبوا تحليف المقر له ان المقر المفلس صادق فى اقراره فانهم يجابون ويلزمه ان يحلف بذلك.

والفرق بين الانشاء فى التصرفات السابقة من بيع ونحوه حيث يمنع منها وبين اقراره هذا حيث يقبل منه ان مقصود الحجر منع التصرف فالغى انشاؤه اما الاقرار فاخبار والحجر بسبب الافلاس لا يسلب العبارة عن المفلس وقيل: لا يقبل اقراره فى حق الدائنين لئلا تضرهم المزاحمة، ولأنه ربما واطأ المقر له.

قال الرويانى فى الحيلة والاختيار فى زماننا الفتوى به لأنا نرى مفلسين يقرون للظلمة حتى يمنعوا اصحاب الحقوق من مطالبتهم وحبسهم أما ان اقر بدين وأسند وجوبه الى ما بعد افلاسه والحجر عليه اسنادا مقيدا بمعاملة او اسنادا مطلقا بان لم يقيده بمعاملة ولا غيرها، أو أسنده الى معاملة ولم يسنده الى ما قبل الحجر ولا الى ما بعده وتعذرت مراجعته فانه لا يقبل فى حق الدائنين فلا يزاحمهم المقر له فى مال المفلس. بل يطالب به بعد فك الحجر، لأنه قصر فى معرفة حال من تعامل معه وان اقر بدين وقال: عن جناية او استهلاك ولو بعد الحجر قيل فى الاصل، فيزاحم المجنى على الدائنين لعدم تقصيره ولا يحلف للمفلس ولا المقر له. ومثل ذلك ما حدث بعد الحجر وتقدم سببه عليه كانهدام بناء اجرة المفلس قبل افلاسه. ولو اقر المفلس بالمال الذى معه لمجهول لم يقبل والدائنين اخذه وكذا اذا اقر به لمعين حاضر فكذبه المقر له لظهور كذبه فى صرف المال عنه وأن أقر به لغائب انتظر قدومه فان صدقه اخذه والا اخذه الدائنون قال الأذرعى: والظاهر ان الطفل ونحوه كالغائب فينتظر والظاهر انه ان صدقه الولى فلا انتظار. ولو شهد شاهد بدين للمفلس وامتنع المفلس من الحلف معه فليس للدائنين ان يحلفوا مع الشاهد اذ ليس لهم اثبات حق المفلس لمصلحتهم بل اذا ثبت تعلق حقهم به. وكذلك ليس لهم ابتداء الدعوى اذا تركها المفلس (١).

[مذهب الحنابلة]

متى حجر على المفلس تعلق حق الدائنين بماله فلا يصح تصرفه فى شئ من ماله فان تصرف فيه ببيع أو هبة أو وقف أو اصداق امرأة مالا له أو صدقه بشئ قليل أو كثير أو نحو ذلك لم يصح لأنه محجور عليه فيه أشبه الراهن يتصرف فى الرهن ولأنه متهم فى ذلك. وهذا اذا كان التصرف متبدأ. اما ان تصرف المفلس تصرفا غير مبتدأ كامضاء ما تصرف فيه قبل الحجر أو فسخ مما اشتراه قبل الحجر لعيب أو لشرط‍ الخيار بتدليس ونحوه فانه يصح لأن ذلك اتمام لتصرف سابق على حجره فلم يمنع منه كاسترداد وديعة له أودعها قبل حجره ولا يتقيد ذلك بكونه فيه مصلحة للمفلس. وان أقر المفلس بدين لم يقبل فى الحال، ويطالب به بعد فك الحجر عنه، سواء اضاف ما اقر به الى ما قبل الحجر أو بعده أو اطلق ولو كان المفلس صانعا تحت يده متاع فأقر به لاصحابه لم يقبل اقراره ايضا لأنه متهم فيه، وتباع العين التى تحت يده حيث لا بينة بها وتقسم بين الدائنين كسائر امواله، وتكون قيمتها واجبة على المفلس لصاحبها اذا قدر عليها بعد فك الحجر عنه، لأنها صرفت فى دينه بسبب من جهته فكانت


(١) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣١١ - ٣١٣، شرح منهج الطلاب بحاشية البجرمى ج ٢ ص ٣٦٦ - ٣٦٨، اسنى المطالب بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٨٤ - ١٨٦، ١٨٨، تحفة المحتاج بحاشية الرملى ج ٢ ص ١٢٦ - ١٢٧، شرح المنهاج المحلى بحاشية القليوبى ج ٢ ص ٢٨٦ - ٢٨٧، ٢٩٢، مغنى المحتاج للخطيب ج ٢ ص ١٤٨ - ١٤٩، ابن القاسم بحاشية الباجورى ج ١ ص ٤٧٩ - ٤٨٠ طبع المطبعة الاميرية سنة ١٢٩٨