للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأعمى العاجز أن يقلد فى الاتجاه الى القبلة شخصا مكلفا عارفا بأدلة القبلة، لأن الأعمى غير مجتهد (١).

[مذهب الشافعية]

فى المجموع للنووى: قال أصحابنا: الأعمى يعتمد المحراب بمس اذا عرفه بالمس حيث يعتمده البصير، وكذا البصير فى الظلمة، وفيه وجه:

أن الأعمى انما يعتمد محرابا رآه قبل العمى، ولو اشتبه على الأعمى مواضع لمسها صبر حتى يجد من يخبره، فان خاف فوت الوقت صلى على حسب حاله، وتجب الاعادة (٢). وفيه أيضا:

لا يجتهد الأعمى فى القبلة (٣) وفى الاشباه والنظائر.

لا يجتهد الأعمى فى القبلة، ولا خلاف فى أنه لا يجتهد فيها لأن غالب أدلتها بصرية (٤).

[مذهب الحنابلة]

فى المغنى لابن قدامه: اذا صلى الأعمى فى حضر بلا دليل وأخطأ القبلة أعاد صلاته لأنه يقدر على الاستدلال بالخبر والمحاريب فان الأعمى اذا لمس المحراب وعلم أنه محراب وأنه متوجه اليه فهو كالبصير، وكذلك اذا علم أن باب المسجد الى الشمال أو غيرها من الجهات جاز له الاستدلال به، ومتى أخطأ فعليه الاعادة وحكم المقلد حكم الأعمى فى هذا.

وان كان الأعمى أو المقلد مسافرا، ولم يجد من يخبره، ولا مجتهدا يقلده، فظاهر كلام الخرفى أنه يعيد سواء أصاب أو أخطأ لأنه صلى من غير دليل فلزمته الاعادة وان أصاب كان كالمجتهد اذا صلى من غير اجتهاد.

وقال أبو بكر الخلال يصلى على حسب حاله.

وفى الاعادة روايتان سواء أصاب أم أخطأ أحداهما يعيد لما ذكرنا والثانية لا اعادة عليه لأنه أتى بما أمر به فأشبه المجتهد، ولأنه عاجز عن غير ما أتى به، فسقط‍ عنه كسائر العاجزين عن الاستقبال، ولأنه عادم للدليل فأشبه المجتهد فى الغيم والحبس. وقال ابن حامد.

ان أخطأ أعاد.

وان أصاب فعلى وجهين (٥). وجاء فى المغنى.

أيضا اذا اختلف مجتهدان فى القبلة، ومعهما أعمى قلد أوثقهما فى نفسه وهو أعلمهما عنده

وأصدقهما قولا، وأشدهما تحريا لأن الصواب اليه أقرب (٦).

والمجتهد فى القبلة هو العالم بأدلتها، وان كان جاهلا بأحكام الشرع فان كل من علم أدلة شئ كان من المجتهدين فيه وأن جهل غيره، لأنه يتمكن من استقبالها بدليله فكان مجتهدا فيها كالفقيه ولو جهل الفقيه أدلتها أو كان أعمى فهو مقلد وان علم غيرها (٧).


(١) مواهب الجليل شرح مختصر خليل لأبى عبد الله محمد ابن محمد بن عبد الرحمن الحطاب المتوفى سنة ٩٥٤ هـ‍ الطبعة الأولى مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٢٨ هـ‍ ج‍ ١ ص ٥١٠ وبهامشه التاج والاكليل لمختصر خليل لمحمد بن يوسف الشهير بالمواق المتوفى سنة ٨٩٧ هـ‍.
(٢) المجموع شرح المهذب للامام أبى زكريا محيى الدين ابن شرف النووى المتوفى سنة ٦٧٦ مطبعة التضامن الأخوى بالقاهرة سنة ١٣٤٤ هـ‍ ج‍ ٣ ص ٢٠٤.
(٣) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٢٠٤.
(٤) الأشباه والنظائر قواعد فروق فقه الشافعية لجلال الدين عبد الرحمن السيوطى المتوفى سنة ٩١١ مطبعة مصطفى البابى الحلبى بمصر سنة ١ هـ‍ - ١٩٥٩ م ص ٢٥٠، ص ٢٥٢
(٥) المغنى تأليف موفق الدين أبى محمد عبد الله بن أحمد ابن محمد بن قدامة المتوفى سنة ٦٣٠ هـ‍. على مختصر أبى القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى المتوفى سنة ٣٣٤ هـ‍ ج‍ ١ ص ٤٩٣ - ٤٩٤ الطبعة الأولى مطبعة المنار سنة ١٣٤٧ هـ‍ تصحيح وتعليق وتخريج السيد محمد رشيد رضا، ويليه الشرح الكبير على متن المقنع تأليف شمس الدين أبى الفرج عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامه المقدسى المتوفى سنة ٦٨٢ هـ‍.
(٦) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٧٧
(٧) المرجع السابق ج‍ ١ ص ٤٦٣