للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منه كان راضيا به بخلاف مسئلتنا، ويكون الزرع لمالك البذر لأنَّهُ من عين ماله، ويحتمل أن يكون حكم هذا الزرع حكم زرع الغاصب لأنَّهُ حصل في أرضه بغير إذنه فأشبه ما لو زرعه مالكه، والأول أولى لأن هذا بغير عدوان وقد أمكن جبر حق مالك الأرض بدفع الأجر إليه، وإن أحب مالكه قلعه فله ذلك وعليه تسوية الحفر وما نقصت الأرض لأنَّهُ أدخل النقص على ملك الغير لاستصلاح ملكه فأشبه المستعير، وأما إن كان السيل حمل نوى فنبت شجرا في أرض غيره كالزيتون والنخيل ونحوه فهو لمالك النوى لأنَّهُ من نماء ملكه فهو كالزرع ويجبر على قلعه ههنا لأن ضرره يدوم فأجبر على إزالته كأغصان الشجرة المنتشرة في هواء ملك غير مالكها، وإن حمل السيل أرضا بشجرها فنبت في أرض آخر كما كانت فهى لمالكها يجبر على إزالتها، وفى كل ذلك إذا ترك صاحب الأرض المنتقلة أو الشجر أو الزرع ذلك لصاحب الأرض التي انتقل إليها لم يلزمه نقله ولا أجر ولا غير ذلك لأنَّهُ حصل بغير تفريطه ولا عدوانه وكانت الخيرة إلى صاحب الأرض المشغولة به إن أخذه لنفسه وإن شاء قلعه (١).

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار وحواشيه أنه يصح لمن أعار عينا وكذا يصح لمن استعارها الرجوع فيها متى شاء مطلقًا، أي سواء كانت مطلقة أم مؤقتة، هذا مذهبنا ما لم يؤد ذلك إلى فعل محظور أو ترك واجب نحو أن يستعير ثوبا ليستر عورته في الصلاة الواجبة أو ليصلى عليه في الموضع المتنجس. أو استعارة المرأة عبدا محرما لها ليحج بها فإنه لا يجوز الرجوع عن العارية بعد الإِحرام للصلاة والحج، ونحو أن يستعير سفينة ليعبر عليها أو خيطا ليربط جرح محترم أو آلة من رشا أو غيره لينقذ به محترم الدم في بئر أو نحو ذلك فإنه لا يجوز الرجوع في العارية حيث يحصل تلف محترم الدم أو ضرره، أو ثوبا ليكفن به الميت فإنه لا يجوز الرجوع بعد الدفن وله أجرة المثل من يوم الرجوع. ولو استعار رجل جملا أو نحوه من رجل آخر ليحمل عليه إلى موضع آخر ثم رجع المعير له في بعض الطريق عن عاريته قال عليه السلام يلزم المعير أجرته إلى حيث أعاره إن وجد ما يحمله عليه وإلا لزمه تمام العارية، وكذا لو أعار مدفنا في جهة بعيدة ثم حمل المستعير الحب إليها أو إلى بعض الطريق فرجع المعير لزمه غرامة المستعير في ذلك. ولو أن رجلا استعار حائطا ليبنى عليه بناء أو استعار أرضا ليغرس فيها فبنى أو غرس ثم طالبه المعير برفع ذلك فإنه ينظر فإن كانت مؤقتة فطالبه بعد انقضاء الوقت رجب على المستعير رفعه ولا شئ له عندنا. ويجب على الراجع في العارية المطلقة والمؤقتة قبل انقضاء الوقت للمستعير في الغرس والبناء ونحوهما كوضع الفص في الخاتم والجزع في وسط الجدار ونحو ذلك .. يجب عليه الخيارات وهما إن شاء طلب من المعير قيمة البناء والغرس قائما ليس له حق البقاء، وإن شاء قلع بناءه وغرسه وطلب أرش النقصان، وفى وجوب تسوية الأرض وجهان أصحهما: لا يلزم إذ الإذن للمستعير بالغرس إسقاط لما تولد عنه، وقيل: يجب الإصلاح. وذكر في البيان لمذهب الهادى عليه السلام أنه إذا اختار النقص فلا شئ له.


(١) المرجع السابق جـ ٥ ص ٣٦٩، ص ٣٧٠ نفس الطبعة.