للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحقيقة، وجعل رد بدل العين بمنزلة رد العين بخلاف سائر الديون، وقد يلزم الأجل فى القرض بحال وذلك بأن يوصى بأن يقرض من ماله بعد موته فلانا ألف درهم الى سنة فأنه ينفذ وصيته ويقرض من ماله كما أمر وليس لورثته ان يطالبوا قبل السنة (١).

[مذهب المالكية]

جاء فى حاشية الدسوقى على الشرح الكبير أنه يحرم على المقرض هدية المقترض اليه وليس المراد بالهدية حقيقتها فقط‍ بل كل ما حصل به الانتفاع كركوب دابة المقترض والأكل فى بينه على طريق الاكرام أو شرب فنجان قهوة أو جرعة ماء والتظلل بجداره والمعتمد جواز لشرب والتظلل وكذلك الأكل ان كان لا جل الاكرام لا لأجل الدين كما قال شيخنا رحمه الله تعالى - وانما حرم ذلك لأنه مدين فيؤول للسلف بزيادة.

ثم الحرمة المتعلقة بأخذ الهدية ظاهرا وباطنا وأما المتعلقة بالدافع فهى باطلة فقط‍، وذلك ان قصد المهدى بهديته تأخيره بالدين ونحوه ووجب ردها ان لم تفت، والا بأن فاتت فالقيمة ومثل المثلى. وان قصد المهدى وجه الله تعالى فقط‍ بهديته كانت الحرمة ظاهرا فقط‍ فيقضى عليه بردها ان كانت قائمة أو رد قيمتها أو مثلها ان فاتت ولا حرمة عليه فيما بينه وبين الله. هذا اذا لم يتقدم قبل القرض مثلها فان تقدم مثلها - من المهدى الى المهدى له صفة وقدرا لم يحرم وكذا تكون الحرمة اذا لم يحدث ما يوجب الهدية من المدين لرب الدين كصهارة أو جوار وكان الاهداء لذلك لا للدين. وحرم فى القرض جر منفعة للمقرض ولو كانت تلك المنفعة قليلة - كشرط‍ قضاء يفين بسالم والعادة كالشرط‍ أو شرط‍ قضاء دقيق أو كعك ببلد غير بلد القرض ولو لحاج لما فيه من تخفيف مؤنة حمله، ومفهومه أنه يجوز مع عدم الشرط‍ وهو كذلك، وخالف ذلك بعض فى الطيب من جواز ذلك ولو مع الشرط‍ للحاج ونحوه أو شرط‍ قضاء خبز فرن بخبز ملة (٢) لحسن خبزها على خبز الفرن. ويحرم قرض عين اذا عظم حملها ليأخذ بدلها بموضع آخر ليدفع عن نفسه أجرة الحمل وغرر الطريق كسفتجة الا ان يعم الخوف بأن يغلب سائر الطرق فلا حرمة بل يندب للأمن على النفس أو المال بل قد يجب. وكعين كرهت اقامتها عند مالكها خوف تلف بعتة أو سوس أو عفن، أو خوف ضياع فيحرم سلفها ليأخذ بدلها ان جرى شرط‍ أو عرف الا أن يقوم دليل على ان القصد نفع المقترض فقط‍، أى لا نفع المقرض أو نفع المقترض والمقرض معا كقرض الملتزمين بالبلاد فلاحيهم البذر ليزرعوا ويدفعوا لهم الخراج. أو نفع أجنبى من ناحية المقرض بحيث يكون نفعة كنفه فيمنع فى الثلاثة (٣).

[مذهب الشافعية]

جاء فى حاشية البجيرمى على منهج الطلاب أنه يشترط‍ فى المقرض - بكسر الراء - الاختيار. فلا يصح اقراض مكره بغير حق كسائر عقوده، أما لو أكره بحق فان


(١) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى ج ٧ ص ٣٩٤ وما بعدها الى ص ٣٩٦ الطبعة السابقة.
(٢) الملة بفتح الميم اسم للرماد الحار الذى يخيز به أو للحسرة التى يجعل فيها الرماد الحار لذلك
(٣) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٣ ص ٢٢٥، ص ٢٢٦ الطبعة السابقة