للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا إذا أريد بإثبات ما ذكر إقامة الحدود والقصاص، أما إذا أريد إثبات حق آخر فلا تشترط‍ الذكورة، كما إذا علق عتق عبده على شرب الخمر، فإنه يجوز إثبات الشرب بشهادة رجل وامرأتين، ويعتق العبد ولكن لا يحد المشهود عليه بالشرب لعدم توفر الشرط‍ فى الشهادة.

المرتبة الثالثة: الشهادة على ما لا يطلع عليه الرجال عادة من عيوب النساء فى المواضع التى لا يطلع عليها الرجال كالبكارة والثيوبة والولادة والرتق والقرن، وفيها تكفى شهادة امرأة واحدة وثنتان أحوط‍ لقوله صلى الله عليه وسلم: «شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه» وقول حذيفة رضى الله عنه: «أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادة القابلة على الولادة».

المرتبة الرابعة: سائر الحقوق والمسائل غير ما تقدم، كالبيع والشراء وسائر العقود والمعاملات والحقوق المالية والنكاح والطلاق والوصية والوقف والقتل الذى موجبه المال، ونصاب ذلك كله رجلان أو رجل وامرأتان، لقوله تعالى «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ» والآية وإن كانت فى مقام حفظ‍ الحق والتوفق له إلا أن القصد من الحفظ‍ إثبات هذه الحقوق عند التجاحد والتخاصم أمام الحاكم وذلك يقتضى إقامة الشهادة عند الحاكم ووجوب أخذ الحاكم بها وإلا لما ظهرت مزية الحفظ‍ (١).

[مذهب المالكية]

وقال المالكية: إن البينات أنواع:

الأول الشهادة على رؤية الزنا، وهذا متفق على أن نصابه أربعة رجال ولا تقبل فيه شهادة النساء، وقد ألحقوا بهذا النوع أحكاما لا بد فيها من أربعه شهود وحكوا فيها خلافا، منها الشهود الذين يحضرون لعان الزوجين، والمذهب أن أقلهم أربعة.

الثانى: الشهادة فيما ليس بمال ويطلع عليه الرجال غالبا، كالنكاح والطلاق والنسب والشرب والقذف والوكالة وقتل العمد، وهذه لا تثبت إلا بشهادة رجلين ولا مدخل فى شئ منها للنساء.

الثالث: الشهادة فى الأموال وحقوقها كالآجال والخيار والشفعة والإجارة وقتل الخطأ والقرض والبيع وما فى بابه، وكذا ما يتعلق بالمال كإثبات التوارث والوكالة بطلب المال، ونصاب الشهادة فيها اثنان:

رجلان أو رجل وامرأتان.

والرابع: أحكام لا يطلع عليها الرجال غالبا كالولادة والبكارة والثيوبة وعيوب النساء مما تحت ثيابهن، وهذه تجزئ فيها شهادة امرأتين.

وهناك ما يقبل فيه رجل واحد يؤدى علما وخبرة كالطبيب والقائف والترجمان، وما تقبل فيه امرأة واحدة كما فى عيوب الأمة التى لا يطلع عليها الرجال إذا كانت حاضرة، وفى ثبوت الرضاع (٢).


(١) ابن عابدين ج‍ ٤ ص ٥٧٤ وما بعدها.
(٢) التبصرة ج‍ ١ ص ١٧٠ وما بعدها، ٢١٣ وما بعدها.