للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دين حالّ أجبر غريمه على وفائه ليخرج، فإن تعذر جازت الإِقامة لإِستيفائه لأن العذر من غيره (أي من المدين) وفى إخراجهم قبل استيفاء ديونهم ذهاب أموالهم، وسواء كان التعذر لمطل أو تغيب أو غيرهما. وإن كان الدين مؤجلا لم يمكن من الإِقامة حتى يحل، لئلا يتخذ ذلك ذريعة للإقامة. ويو كل من يستوفيه له إذا حلّ. وإن مرض من دخل الحجاز منهم جازت إقامته به حتى يبرأ من مرضه، لأن الإنتقال يشق على المريض، وتجوز الإِقامة أيضا لمن يُمرِّضه لضرورة إقامته، وإن مات دفن للضرورة ولا يمنعون من تيماء فَيد (بفتح الفاء) وهى من بلاد طى ونحوهما من باقى الجزيرة غير الحجاز لما مر من أن أحد الخلفاء لم يخرج واحدًا منهم من ذلك. وليس لهم دخول مساجد الحل ولو بإذن مسلم لأن على بن أبى طالب بصر بمجوسى وهو على المنبر فنزل وضربه وأخرجه، وهو قول عمير، ولأن حدث الجنابة والحيض يمنع من دخول المسجد فالشرك أولى. وقيل يجوز بإذن مسلم، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قدم عليه وفد أهل الطائف فأنزلهم في المسجد قبل إسلامهم وأجاب أصحاب القول الأول عن ذلك: بإنه كان بالمسلمين حاجة، وبانهم كانوا يخاطبونه - صلى الله عليه وسلم - ويحملون إليه الرسائل والأجوبة وقد يسمعون منه الدعوة، ولم يكن - صلى الله عليه وسلم - ليخرج لكل من قصده من الكفار (١).

[مذهب الزيدية]

من أُمِّن أمانا صحيحا فهو آمن لا يجوز لأحد من المسلمين حرّم أمانة وليس لواحد من المسلمين أن يعقد لأحد من المشركين أمانا إلا لمدة يسيرة وهى دون السنة وليس له أن يعقده سنة فصاعدا. وفى الأمانة دون السنة وفوق الأربعة أشهر قولان (٢).

مذهب الإِمامية:

لو دخل المسلم دار الحرب مستأمنا فسرق وجب إعادة ما سرق سواء كان صاحبه في دار الإِسلام أو دار الحرب (٣) ومن أعطيناه ذماما وجب علينا الوفاء له بالذمام ما لم يكن متضمنا ما يخالف الشرع (٤).

[مذهب الإباضية]

إذا دخل مشرك غير معط للجزية أرض الإِسلام بتجر، وكان دخوله بأمان، فإنه يترك ويؤخذ منه ما يؤخذ من تجار المسلمين وهو الزكاة فقط، قيل: وما ينوب في إصلاح الطرق وغيرها بحسب المصالح فإنه يؤخذ من تجار المشركين مثل ما يؤخذ من تجار المسلمين ويجوز للإمام بنظر أهل المشورة من المسلمين أن يأخذ ما ظهر له. ويأخذ المسلمون ذلك إن لم يكن لهم إمام. ولهم أن يأخذوه ولو لم يأخذوا من تجار المسلمين لعدم دوران الحول للزكاة ويؤخذ ذلك من المشركين ولو كان أهل الإسلام لا يدخلون أرض الشرك ولو بسبب بعدها، وإن شاء المسلمون تركوا التاجر المشرك فلا يأخذون منه شيئا (٥).


(١) كشاف القناع جـ ٣ ص ١٣٤ أو ما بعدها. الطبعة السابقة.
(٢) شرح الأزهار جـ ٤ ص ٥٥٩ وجـ ٥٦٠
(٣) شرائع الإسلام جـ ١ ص ١٤٩
(٤) شرائع الإسلام جـ ١ ص ١٤٨
(٥) شرح النيل جـ ١ ص ٤١٠ وص ٤١٣