ولكن فى حالة غيبة الإمام يجوزون الاجتهاد. وباب الاجتهاد المطلق مفتوح عندهم (١).
[جواز خلو الزمان عن مجتهد]
يجوز خلو الزمان عن مجتهد عند أبى حنيفة، ومالك والشافعى والسلف جميعا ومنع الحنابلة ذلك فقالوا لا يجوز خلو الزمان عن مجتهد.
استدل القائلون بالجواز بأنه ليس ممتنعا لذاته، إذ لا يلزم من فرض وقوعه محال فلو كان ممتنعا لكان ممتنعا لغيره والأصل عدم الغير. وقد قال صلى الله عليه وسلم «إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور العلماء، ولكن يقبضه بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فيسيئوا، فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا»، وهذا ظاهر فى جواز خلو الزمان عن مجتهد.
واستدل الحنابلة بقوله صلى الله عليه وسلم: «لا تزال طائفة من أمتى ظاهرين على الحق حتى يأتى أمر الله»، وهو ظاهر فى عدم الخلو إلى يوم القيامة أو إلى أشراط الساعة.
وقالوا أيضا: الاجتهاد فرض كفاية، فيكون انتقاؤه بخلو الزمان عن المجتهد مستلزما لاتفاق المسلمين على الباطل وأنه محال. انظر مصطلح «مجتهد».
[إجزاء]
[المعنى اللغوى]
الإجزاء مصدر أجزأ بمعنى كفى.
جاء فى لسان العرب مادة «جزأ» أجزأه كفاه. وفى حديث الأضحية: «ولن تجزئ عن أحد بعدك» أى لن تكفى.
وفى حديث آخر: «ليس شئ يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن»، أى ليس شئ يكفى.
ويقال: ما لفلان إجزاء، أى: ماله كفاية.
وفى حديث سهيل: «ما أجزأ منا اليوم أحد ما أجزأ فلان» أى فعل فعلا ظهر أثره وقام فيه مقاما لم يقمه غيره، ولا كفى فيه كفايته.
[المعنى الاصطلاحى]
يتكلم علماء أصول الفقه عن الإجزاء عند تقسيمهم لمتعلق الحكم الشرعى، وكلامهم على الصحة والفساد والبطلان، ولهم فى تعريفه مذهبان:
أحدهما: أن الإجزاء هو كون الفعل كافيا فى الخروج عن عهدة التكليف به، وهذا التعريف ينسب إلى فريق من الأصوليين يعرف بفريق المتكلمين.
(١) الأصول العامة للفقه المقارن ص ٦٠٥.