للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[رد المستعار ومؤنته وتسليمه]

[مذهب الحنفية]

رد المستعار للمعير بعد انتهاء الاعارة واجب على المستعير، لأنه قبض المستعار لمنفعة نفسه على الخلوص فكان رده عليه.

فلو كانت الاعارة مؤقتة فأمسك المستعير المستعار بعد انقضاء الوقت ضمنه لتقصيره فيكون مانعا له بعد مضى الوقت، سواء استعمله بعد الوقت أم لا على ما اختاره السرخسى وهو الاصح الا اذا كان عدم رده لعذر.

وكذلك أجرة رد المستعار على المستعير، لأن الأجر مؤنة الرد فمن وجب عليه الرد وجب أجره ولأنه قبضه لمنفعة نفسه والغرم بازاء الغنم، الا اذا استعاره المستعير ليرهنه فتكون أجرة رد المستعار على المعير، لأن هذه اعارة فيها منفعة للمعير بصيرورة المستعار مضمونا عند الهلاك فى يد المرتهن وللمعير أن يرجع على المستعير بقيمته فكانت بمنزلة الاجارة (١).

واذا جاء المستعير بالمتاع المستعار له وألقاه فى دار المعير، أو جاء بالدابة فأدخلها فى اصطبله كان ردا صحيحا حتى لو هلكت قبل قبضها لا يضمن استحسانا، لأنه أتى بالتسليم المتعارف لأن رد العوارى الى دار الملاك معتاد كآلة البيت، ولو سلمه للمالك فالمالك يرده الى الدار أو الاصطبل فكان الرد اليهما ردا على المالك

وفى القياس: هو ضامن لأنه مارد المستعار على مالكه بل ضيعه، ولأن الله سبحانه أمر برد الأمانات الى أهلها، وأهلها مالكها، فيلزم الرد للمالك. وهو قول زفر.

وهذا الخلاف فى الأشياء التى تكون فى يد الغلمان عادة. وأما اذا لم تكن فى أيديهم عادة كعقد جوهر ونحو ذلك من كل شئ نفيس فلا يصح رد المستعير له الا بالتسليم للمالك فلو وضعه فى داره أو اصطبله أو سلمه لغيره يضمن، لعدم جريان العادة بذلك فى الأشياء النفيسة.

ولو رده المستعير مع خادمه أو ابنه أو أجيره أو بعض من فى عياله لم يضمن، لأنه أمانة وللمستعير حفظها على يدهم وكذا لو رده مع خادم المعير أو ابنه أو أجيره أو بعض من فى عياله لم يضمن أيضا، لأن المالك يحفظه بهؤلاء عادة فكان الدفع اليهم كالدفع الى المالك عادة، ولو سلمه الى المالك ليسلمه هو اليهم.

والمراد بالأجير هو ما يكون مسانهة أو مشاهرة، لأنه هو الذى يعد مع من فى عياله بخلاف الأجير مياومة، لأنه لا يعد كذلك.

وقيل: لا يبرأ المستعير الا اذا رد الدابة على الخادم الذى يقوم بها ويتعهدها كالسائس والاصح أنه يبرأ بتسليمها لخادم المعير مطلقا


(١) الهداية والعناية بتكملة فتح القدير ج ٧ ص ١١١، تكملة حاشية ابن عابدين ج ٢ ص ٤٠٠، ٤٠١