للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الا ببينة لان الظاهر من حال الحر أنه يملك شيئا.

وقيل: ان لزمه الدين باختياره كالصداق والضمان لم يصدق الا ببينة وان لزمه بغير اختياره كأرش الجناية وغرامة المتلف صدق بيمينه، والفرق أن الظاهر أنه لا يشغل ذمته بمالا يقدر عليه. وان عهد له مال ولزمه الدين فى معاملة مال كشراء أو قرض لغير النفقة أم بغيرها فعليه البينة بافلاسه من الاصل أو بأنه لا يملك غير المال التالف أو الذى قسم بين الدائنين لان الاصل بقاء ما وقعت عليه المعاملة ومحل ذلك فى مال يبقى ما غيره كلحم ونحوه فهو من القسم الاول فيقبل قوله بيمينه فيه. ويحلف المفلس مع هذه البينة ان طلب الدائن ذلك وتقبل بينة الافلاس من المفلس فى الحال بدون مضى مدة يحبس فيها ليختبر حاله كما تقبل فى غيبة الدائن ولا يتوقف ثبوت الافلاس على حضوره. ويكفى فى بينة الافلاس رجلان ولا يشترط‍ ثلاثة، ولا يكفى فيها رجل وأمرأتان ولا شاهد ويمين ويشترط‍ فى شاهد الافلاس خبرة باطن المفلس بطول الجوار أو المعاملة أو المرافقة فى السفر، لان الاموال تخفى فلا يجوز الاعتماد على ظاهر الحال ويعتمد قول الشاهد:

انه خبير بباطن المفلس، وان عرفه القاضى كفى.

ويقول الشاهد فى شهادته: هو معسر لا يملك الا قوت يومه، وثياب بدنه. ولا يقتصر فى شهادته على أنه لا يملك شيئا، لانه لا يمكن الاطلاع عليه.

وكذلك يثبت الافلاس باليمين المردودة بأن يدعى المفلس علم دائنه بافلاسه ويطلب تحليفه أنه لا يعلم افلاسه فينكل الدائن عن اليمين فيحلف المديون أنه مفلس فيثبت افلاسه بذلك. وللمفلس تكرير طلب يمين الدائن بذلك ويحلفه القاضى حتى يظهر له أن قصده الايذاء فلا يجيبه لذلك. وكذلك يثبت افلاس المفلس بعلم القاضى ذلك فيجوز له الحكم به خلافا لامام الحرمين واذا عجز غريب لا يعرف حاله عن اثبات افلاسه وجب على القاضى بعد حبسه أن يعهد الى اثنين فأكثر من الرجال البحث بقدر الطاقة عن حاله فاذا غلب على الظن افلاسه شهدوا به. وثبت بذلك افلاسه وأجرة الموكل اليه بالبحث عن بيت المال. فان لم يكن ففى ذمة المديون الى أن يوسر فيما يظهر فإن لم يرض أحد بذلك سقط‍ الوجوب عن القاضى فيما يظهر أيضا.

واذا تعارضت بينة اليسار وبينة الافلاس قدمت بينة اليسار حيث لم يعرف لمدعى الافلاس مال وبينت سبب يساره لانها نافلة. فان عرف له مال قبل ذلك قدمت بينة الافلاس. واذا ثبت افلاس المديون بالنسبة لقدر من المال ثبت به افلاسه بالنسبة لما هو أكثر منه من الديون دون ما هو أقل منه قدرا. (١)

[مذهب الحنابلة]

من وجب عليه دين فطولب (٢) به فادعى الافلاس وأنه لا شئ معه يؤديه فى الدين، فان لم يظهر له مال وصدقة دائنه كان بها وثبت بذلك افلاسه. وان كذبه فى دعوى الافلاس وكان دين يدعى ذلك عن عوض مالى كالبيع والقرض أو عرف له مال سابق والغالب بقاء ذلك المال فلا بد لمدعى الافلاس من اقامة بينة تشهد بافلاسه. فان شهدت البينة بتلف ماله أو بقاؤه ولم تشهد بافلاسه قبلت شهادتهم، سواء كان الشهود ممن يعرفون حال المفلس ظاهرا وباطنا أم لا، لان تلف المال يطلع عليه من عرف باطن حال المفلس وغيره. وان طلب الدائن تجليف المديون على ذلك لم يجب اليه لانه تكذيب للبينة.

أما ان طلب تحليفه اليمين على افلاسه وأنه ليس له مال آخر استحلف على ذلك، لانه غير ما شهدت به البينة فان حلف المفلس ثبت افلاسه. وان لم تشهد البينة بتلف ماله وانما شهدت بافلاسه لم تقبل الشهادة الا من ذى خبرة بباطن حال المفلس لان الافلاس والاعسار من الامور الباطنة التى لا يطلع عليها فى الغالب الا أهل الخبرة والمخالطة ويكتفى فيها بشهادة اثنين، ولا يحلف المفلس مع بينته الشاهدة


(١) نهاية المحتاج ج ٣ ص ٣٢٣ وما بعدها
(٢) المفتى والشرح الكبير ج ٤ ص ٤٥٩ وما بعدها وكشاف القناح وشرح الازدات ج ٢ ص ١٤٠ وما بعدها