للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الأب لا يحد بقذف ولده

مذهب الشافعية (١):

إن قذف الوالد ولده أو قذف الجد ولد ولده لم يجب عليه الحد، وقال أبو ثور:

يجب عليه الحد لعموم الآية: «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً، وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً، وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ} (٢)».

والمذهب الأول، لأنه عقوبة تجب لحق الآدمى، فلم تجب للولد على الوالد كالقصاص. وإن قذف زوجته فماتت وله منها ولد سقط‍ الحد، لأنه لما لم يثبت له عليه الحد بقذفه لم يثبت له. وإن كان لها ابن آخر من غيره وجب له لأن حد القذف يثبت لكل واحد من الورثة على الانفراد.

وإن مات من له الحد أو التعزير وهو ممن يورث انتقل ذلك إلى الوارث (٣).

مذهب الأحناف (٤):

إذا كان المقذوف محصنا جاز لابنه الكافر والعبد أن يطالب بالحد خلافا لزفر.

مذهب المالكية (٥):

ليس لمن قذفه أبوه أو أمه تصريحا حد والديه على الراجح وهو مذهب المدونة.

ومقابله يقول: له حدهما ويحكم بفسقه، وأما فى التعريض فلا يحد الأبوان اتفاقا.

مذهب الحنابلة (٦):

لا يحد الأبوان لولدهما وإن نزل فى قذف ولا غيره، فلا يرث الولد حد القذف على أبويه، كما لا يرث القود عليهما. فإن قذف أم أبنه وهى أجنبية منة أى غير زوجة له فماتت المقذوفة قبل استيفائه لم يكن لابنه المطالبة به عليه، لأنه إذا لم يملك طلبه بقذفه لنفسه فلغيره أولى، وكالقود فإن كان لها ابن آخر من غيره كان له استيفاؤه فله إذا ماتت بعد المطالبة لتبعضه أى لقبوله التجزئة بخلاف القود، ويحد الابن بقذف كل واحد من آبائه وأمهاته وإن علوا.

وإذا تشاتم (٧) والد وولده لم يعزر الوالد لحق ولده، كما لا يحد بقذفه ولا يقاد به، ويعزر الولد لحق الوالد كما يحد لقذفه ويقاد به. ولا يجوز تعزيره إلا بمطالبة الوالد بتعزيره لأن للوالد تعزيره بنفسه، ولا يحتاج التعزير إلى مطالبة إلا فى هذه الصورة لأنه مشروع للتأديب فيقيمه الإمام إذا رآه.

مذهب الزيدية (٨):

لو كان القاذف والدا للمقذوف فإنه يلزمه الحد لقذف ابنه ولا يسقط‍ لحق الأبوة، قال فى الغيث: فإن قيل لم حد للقذف ولم يقتص منه مع أنه لا شبهة له فى بدنه؟ قلنا:

القذف مشوب يحق الله تعالى والقصاص له محض.

مذهب الإمامية (٩):

لا يحد الأب لقذف ولده وإنما يعزر

مذهب الظاهرية (١٠):

الحدود والقود واجبان على الأب للولد فى القذف والسرقة وقتله إياه وجرحه اياه فى أعضائه.


(١) المهذب ج‍ ٢ ص ٢٩٠.
(٢) سورة النور: ٤.
(٣) المهذب ج‍ ٢ ص ٢٩٢.
(٤) الهداية ج‍ ٢ ص ٨٦، ٩٦.
(٥) الشرح الصغير ج‍ ٢ ص ٣٨٩.
(٦) كشاف القناع ج‍ ٢ ص ٦٢.
(٧) كشاف القناع ج‍ ٤ ص ٧٣.
(٨) التاج المذهب ج‍ ٤ ص ٢٢٧.
(٩) المختصر النافع ص ٢٩٩.
(١٠) المحلى ج‍ ١١ ص ٢٩٦.