للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الأب بقتله ونحو ذلك من الأحكام. إلا أنه لا يجرى التوارث بينهما ولا نفقة على الأب؛ لأن النفى باللعان يثبت شرعًا بخلاف نفقة الأصل بناءً على زعمه وظنه؛ مع كونه مولودًا على فراشه. وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم - -: "الولد للفراش" (١) فلا يظهر في حق سائر الأحكام. (٢)

[مذهب المالكية]

جاء في (شرح الخرشى): ينتفي باللعان ما ولد لستة أشهر وإلا لحق به؛ والمعنى أنه إذا لاعنها بسبب رؤية الزنا وما في معناه من العلم فإنه ينتفى عنه بذلك وما ولدته من ولد كامل لستة أشهر فصاعدًا من يوم الرؤية؛ وتُعد كأنها غير بريئة الرحم يوم اللعان؛ وإن أتت بولد غير سقط لدون ستة أشهر لحق به؛ لأن لعانه إنما كان لرؤية الزنا لا لنفى الولد؛ وهذا هو قول ابن القاسم؛ ويُلحق إن ظهر يومها؛ لأن المراد بظهوره وضعه لدون ستة أشهر، وهو تفسير لقوله عن مالك: وفى حكم الستة ما نقص عنها بيسير كأربعة أو خمسة أيام. إلا أن يدعى الاستبراء؛ أي أن ما ذكره من أنه يلحق من لاعن للرؤية ما ولدته لأقل من ستة أشهر من الرؤية مقيد بما إذا لم يدع استبراءً قبل الرؤية. فإن ادعى ذلك فإنه لا يلحق به؛ وينتفى باللعان الأول عند أشهب، وهذا إذا كان بين استبرائه ووضعها ستة أشهر أو ما في حكمها فأكثر، أما إن كان أقل من ستة أشهر فإنه يحمل على أنه موجود في بطنها حال استبرائها. ويلاعن الزوج زوجته بنفى حمل ظاهر بشهادة امرأتين من غير تأخير للوضع. ولابد من لعان الزوج وإن نكل حُدَّ لقذفه وإن مات الولد؛ الذي رماها أو الحمل الذي رماها به؛ وفائدة اللعان حينئذ سقوط الحد عنه؛ وكذلك يكفى لعان واحد وإن تعدد الوضع كما لو وضعت أكثر من واحد في بطون وكان الأب غائبًا فلما قدم وعلم بذلك نفى الجميع؛ لأنه حينئذ بمنزلة من قذف زوجته بالزنا مرارًا متعددة فإنه يكفى في ذلك لعان واحد. وكذلك يكفى لعان واحد وإن تعدد التوأم كما إذا ولدت توأمين في بطن؛ لأنهما في حكم الولد الواحد؛ وينتفى الحمل في جميع الصور بلعان معجل بلا تأخير ولو مريضين أو أحدهما إلا الحائض والنفساء فيؤخران.

وملاعنة الرجل لزوجته لنفى الولد أو الحمل مقيد بأن يعتمد في لعانه على أحد هذه الأمور:

الأول: أن يقول: أنا ما وطئتها من حين وضعت الحمل الأول الذي قبل هذا الحمل المنفى وبين الوضعين ما يقطع الثاني عن الأول وهو ستة أشهر فأكثر فإنه حينئذ يلاعن؛ فأما لو كان بينهما أقل من ستة أشهر لكان الثاني من تتمة الأول.

الثاني: أن يكون الحمل لا يُلحق الولد فيها بالزوج إما لقلة بأن أتت به لخمسة أشهر من يوم الإصابة؛ فإنه يعتمد في ذلك على نفيه ويلاعن فيه؛ لأن الولد ليس هو للوطء الثاني لنقصه عن ستة ولا من بقية الأول لقطع الستة عنه: فإن كان بينهما ستة أو وطئها بعد وضع الأول وأمسك عنها ثم أتت بولد لمدة لا يلحق فيها الولد لكثرةٍ


(١) صحيح البخارى في عدة مواضع منها: كتاب المحاربين من أهل الكُفر والردة، باب للعاهر الحجر وكتاب البيوع، باب تفسير المشبهات وصحيح مسلم، كتاب الوضاع، باب الولد للفراش وتوقى الشبهات.
(٢) بدائع الصنائع: ٣/ ٢٤٨.