للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد روى عن أبى يوسف أنه قال: له أن ينفى إلى تمام سنتين؛ لأنه لما مضى وقت النفاس يعتبر وقت الرضاع ومدته سنتان عندهما، ولو بلغه الخبر بعد حولين فنفاه ذكر في غير رواية الأصول عن أبى يوسف أنه لا يقطع النسب ويلاعن. وعن محمد أنه قال: ينتفى الولد إذا نفاه بعد بلوغ الخبر إلى أربعين يومًا.

ومن شرائط قطع النسب: ألا يسبق النفى عن الزوج إقرارٌ منه بنسب الولد نصًا أو دلالة، فإن سبق لا يُقطع النسب من الأب؛ لأن النسب بعد الإقرار به لا يحتمل النفى بوجه؛ لأنه لما أقر به فقد ثبت نسبه، والنسب حق الولد فلا يملك الرجوع عنه بالنفى.

فإن جاءت بولدين في بطن فأقر بأحدهما ونفى الآخر فإن أقر بالأول ونفى الثاني لاعن ولزمه الولدان جميعًا، أما لزوم الولدين فلأن إقراره بالأول إقرار بالثانى؛ لأن الحمل حمل واحد فلا يتصور ثبوت بعض نسب الحمل دون بعض كالواحد أنه لا يتصور ثبوت نسب بعضه دون بعض، فإذا نفى الثاني فقد رجع عما أقر به … والنسب المقَرُّ به لا يحتمل الرجوع عنه فلم يصح نفيه فيثبت نسبهما جميعًا، ويلاعن لأن من أقر بنسب ولد ثم نفاه يلاعن، وإن كان لا يقطع نسبه؛ لأن قطع النسب ليس من لوازم اللعان بل ينفصل عنه في الجملة.

ومن شرائط قطع النسب: أن يكون الولد حيًّا وقت قطع النسب وهو وقت التفريق، فإن لم يكن لا يقطع نسبه من الأب، حتى لو جاءت بولد فمات ثم نفاه الزوج يلاعن ويلزمه الولد؛ لأن النسب يتقرر بالموت فلا يحتمل الانقطاع، ولكنه يلاعن لوجود القذف بنفى الولد، وانقطاع النسب ليس من لوازم اللعان، وكذلك إذا جاءت بولدين أحدهما ميت فنفاهما يلاعن ويلزمه الولدان لما قلنا، وكذلك جاءت بولد فنفاه الزوج ثم مات الولد قبل اللعان يلاعن الزوج ويلزمه الولد لما قلنا، وكذا إذا جاءت بولدين فنفاهما ثم ماتا قبل اللعان أو قتلا فإنه يلاعن ويلزمه الولدان؛ لأن نسب الميت منهما لا يحتمل القطع لتقرره بالموت فكذا نسب الحى؛ لأنهما توأمان.

ومن شرائط قطع النسب: ألا يكون نسب الولد محكومًا بثبوته شرعًا، كذا ذكر الكرخى، فإن كان لا يقطع نسبه - وصورته ما روى عن أبى يوسف أنه قال في رجل جاءت امرأته بولد فنفاه ولم يلاعن حتى قذفها أجنبى بالولد الذي جاءت به فضرب القاضي الأجنبيَّ الحد - فإن نسب الولد يثبت من الزوج ويسقط اللعان؛ لأن القاضي لما حَدَّ قاذفها بالولد فقد حكم بكذبه؛ والحكم بكذبه حكم بثبوت نسب الولد، والنسب المحكوم بثبوته لا يحتمل النفى باللعان كالنسب المقَرِّ به، وإنما سقط اللعان؛ لأن الحاكم لما حَدَّ قاذفها فقد حكم بإحصانها في عين ما قذفت به، ثم إذا قطع النسب من الأب وألحق الولد بالأم يبقى النسب في حق سائر الأحكام من الشهادة والزكاة والقصاص وغيرها، حتى لا يجوز شهادة أحدهما للآخر وصرف الزكاة إليه، ولا يجب القصاص