للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط‍ الاقرار]

لكى يتحقق الاقرار شرعا. لابد ان يكون هناك مقر. ومقر له ومقر به وصيغة للاقرار وتبرزه وتظهره. ولكى يعتبر الاقرار شرعا ويترتب عليه أثاره ونتائجه التى اناطها به الشارع. يجب ان تتوفر فى كل من هذه العناصر شروط‍ واعتبارات تتألف من مجموعها اقرار صحيح.

[شروط‍ المقر]

يشترط‍ فى المقر ما يأتى:

(١) أن يكون بالغا اذ الاحكام وصحة التصرفات شرعا تناط‍ بالتكليف. وعبارة غير المكلف غير معتبرة ولا تترتب عليها الاحكام ولا تصح معها التصرفات فالطفل اى الصبى غير المميز لا يصح اقراره بالاجماع لا يعلم فيه خلاف. وقد قال عليه الصلاة والسّلام: رفع القلم عن ثلاثة عن الصبى حتى يبلغ وعن المجنون حتى يفيق وعن النائم حتى يستيقظ‍.

فنص على أن الصبى لا يتجه عليه التكليف فلا تصح منه التصرفات .. اما الصبى المميز، فان كان محجورا عليه فلا يصح اقراره. وان كان مأذونا له فى التجارة او فى بعض التصرفات صح اقراره فيما اذن له فيه .. قال أحمد فى رواية مهنا فى اليتيم اذا اذن له فى التجارة وهو يعقل البيع والشراء فبيعه وشراؤه جائز وان اقر انه اقتضى شيئا من ماله جاز بقدر ما اذن له وليه فيه لانه عاقل مختار يصح تصرفه فصح اقراره كالبالغ .. وحديث رفع القلم عن ثلاثة منهم الصبى حتى يبلغ محمول على رفع التكلف والاثم وقال أبو بكر وابن ابى موسى: انما يصح اقراره فيما اذن له فى التجارة فيه فى الشئ اليسير فأن أقر من هو مراهق غير مأذون له. ثم اختلف هو والمقر فى بلوغه فالقول قول المقر الا ان تقوم بينة على البلوغ فيعمل بها لان الاصل الصغر ولا يحلف المقر لان الغرض انه لم يبلغ ولا يمين لمن دون البلوغ الا ان يختلفا بعد ثبوت البلوغ فيكون عليه اليمين انه حين اقر لم يكن بالغا ويصح اقرار الصبى انه بلغ بالاحتلام اذا بلغ عشر سنين لانه لا يعلم الا من جهته وكذا الجارية يصح اقرارها بالبلوغ بالعلامات اذا بلغت تسع سنين. ولا يقبل الاقرار بالبلوغ بالسن الا بالبينة لانه لا تتعذر اقامتها على ذلك .. وان اقر شخص بمال او بيع أو شراء ونحوه ثم قال بعد تحقق بلوغه:

لم اكن حين الاقرار بالغا لم يقبل منه ذلك لان الاصل الصحة .. وان اقر بالبلوغ من شك فى بلوغه ثم انكر البلوغ مع الشك صدق لان الأصل الصغر. ولا يحلف للحكم بعدم بلوغه .. وان ادعى الصبى الذى انبت الشعر فى العانة أنه أنبت بعلاج ودواء لم يقبل ولزمه حكم تصرفه من بيع او اقرار ونحوهما لان الاصل عدم ما يدعيه.

(٢) أن يكون عاقلا. لان العقل اساس التكليف واعتبار المتصرف صحيحا شرعا فأما المجنون والمبرشم والنائم والمغمى عليه فلا يصح اقرارهم لا خلاف لاحد فى ذلك. وقد قال عليه الصلاة والسّلام رفع القلم عن ثلاثة الصبى حتى يبلغ والمجنون حتى يفيق والنائم حتى يستيقظ‍ فنص على الثلاثة والمبرشم والمغمى عليه فى معنى المجنون والنائم - ولانه قول من غائب العقل فلم يثبت له حكم كالبيع والطلاق.