ومن زال عقله بسبب مباح او معذور فيه فهو كالمجنون لا يصح اقراره بلا خلاف.
وان كان بمعصية كالسكران ومن شرب ما يزيل عقله عامدا لغير حاجة لم يصح اقراره أيضا ويمكن أن يقال أنه يصح بناء على وقوع طلاقه ودليل الأول أنه غير عاقل فلم يصح اقراره كالمجنون الذى سبب جنونه فعل محرم. ولان السكران لا يوثق بصحة ما يقول ولا تنتفى عنه التهمة فيما يخبر به فلم يوجد معنى الاقرار الموجب لقبول قوله. ودليل الثانى ان السكران بمعصية أفعاله كأفعال الصاحى كطلاقه فيؤاخذ باقراره .. واقرار المجنون حال افاقته صحيح لانه عاقل اشبه من لم يصب بالجنون.
وان ادعى الجنون بعد الاقرار وقال انه حين اقر كان مجنونا لم يقبل منه الا ببينة لان الاصل السلامة وذكر الازجى انه يقبل منه هذا الادعاء ان عهد منه جنون فى بعض الاوقات والا فلا.
(٣) أن يكون مختارا اما المكره فلا يصح اقراره بما أكره على الاقرار به لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم - رفع عن آمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه .. ولانه قول اكره عليه بغير حق فلم يصح كالبيع ..
وان اقر بغير ما اكره عليه مثل ان يكره على الاقرار لرجل فأقر لغيره او يكره على الاقرار بنوع من المال فيقر بغيره أو على الاقرار لطلاق امرأته فلانة فأقر بطلاق اخرى غيرها او اكره على الاقرار بالطلاق فأقر بعتق عبد - فانه يصح الاقرار فى ذلك كله لانه اقر بما لم يكره عليه فصح كما لو اقر به ابتداء من غير اكراه.
ولو اكره على اداء مال فباع شيئا من ماله ليؤدى ما اكره عليه صح بيعه نص عليه لانه لم يكره على البيع ويكره الشراء منه حينئذ ومن أقر بحق ثم أدعى انه كان مكرها لم يقبل قوله الا ببينة سواء اقر عند السلطان او عند غيره لان الاصل عدم الاكراه الا ان تكون هناك دلالة على الاكراه كالقيد والحبس والتوكيل به فيكون القول قوله حينئذ مع اليمين لان هذه الحالة تدل على الاكراه ..
قال الازجى: او اقام بينة بامارة الاكراه استفاد بها ان الظاهر معه فيحلف ويقبل قوله. قال فى النكت: وعلى هذا تحرم الشهادة عليه وكتب حجة عليه وما اشبه ذلك فى هذه الحال. وتقدم بينة اكراه على بينة طواعية لان معها زيادة علم .. وان قال من ظاهره الاكراه: علمت انى لو لم اقر أيضا أطلقونى فلم أكن مكرها لم يصح قوله ذلك ولم يمنع كونه مكرها لانه ظن منه فلا يعارض يقين الاكراه لقوة اليقين .. قال فى الفروع: وفيه احتمال لاعترافه بانه اقر طوعا .. ونقل ابن هانى فيمن تقدم الى سلطان فهدده فدهش فأقر يؤخذ به فيرجع ويقول: هددنى ودهشت يؤخذ وما علمته انه اقر بالجزع والفزع.
جاء فى المغنى لابن قدامه: - واما العبد فيصح اقراره بالحد والقصاص فيما دون النفس لان الحق له دين مولاه. ولا يصح اقرار المولى عليه لان المولى لا يملك من العبد الا المال. ويحتمل ان يصح اقرار المولى عليه