للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الغزالى: العامى يجب عليه الاستفتاء واتباع العلماء وتكليفه طلب رتبة الاجتهاد محال لأنه يؤدى الى أن ينقطع الحرث والنسل وتتعطل الحرف والصنائع ويؤدى إلى خراب الدنيا لو اشتغل الناس بجملتهم لطلب العلم وقد وجب على العامى ما أفتى به المفتى بدليل الإجماع كما وجب على الحاكم قبول قول الشهود، وذلك عند ظن الصدق والظن معلوم ووجوب الحكم عند الظن معلوم، وقال يجب على العوام اتباع المفتى اذ دل الاجماع على وجوب اتباع العامى لمفتيه (١).

وقال ابن حزم: إن الرسول صلى الله عليه وسلم إذ أمر باتباع سنن الخلفاء الراشدين، يكون قد أمر باتباعهم فى اقتدائهم لسنته، وبهذا نقول، فمن كان متبعا لهم فليتبعهم فى هذا الذى اتفقوا عليه من ترك التقليد وفيما أجمعوا عليه من اتباع سنن النبى صلى الله عليه وسلم (٢).

وقال: إنما نحرم اتباع من دون النبى صلى الله عليه وسلم بغير دليل فوجب اتباع من قام الدليل على اتباعه (٣).

وقال: وليس من أتبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم مقلدا لأنه فعل ما أمره الله تعالى به (٤) (انظر: استفتاء).

[اتباع السواد الأعظم]

قال الغزالى: متبع السواد الأعظم ليس بمقلد بل علم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم وجوب اتباعه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بالسواد الأعظم».

و «من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة»، و «الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد»، وذلك قبول قول بحجة (٥).

وقال ابن حزم الظاهرى: عليكم بالسواد الأعظم، رواية لا تصح وخبر لم يخرجه أحد ممن اشترط‍ الصحيح (٦).

الفرق بين التقليد والاتباع

أكثر الأصوليين على أن الاتباع هو التقليد وعرفوا التقليد بأنه «العمل بقول الغير من غير حجة ملزمة» (٧).

وقال ابن حزم الظاهرى: أما من أعتقد قولا بغير اجتهاد أصلا لكن إتباعا لمن نشأ بينهم فهو مقلد مذموم بيقين أصاب أو أخطأ وهو آثم على كل حال، عاص لله تعالى عز وجل بذلك، لأنه لم يقصده من حيث أمر من أتباع النصوص (٨).

وقد فرق ابن القيم بينهما فقال ردا على من يقول بتقليد الأئمة: وأن مقلديهم على هدى قطعا لأنهم سالكون خلفهم «وسلوكهم


(١) المستصفى للغزالى ج‍ ٢ ص ٣٨٧، ٣٨٩ الطبعة السابقة.
(٢) الإحكام فى أصول الإحكام لأبن حزم ج‍ ٦ ص ٧٩ مطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٤٥ هـ‍.
(٣) الاحكام لابن حزم ج‍ ١ ص ٧٠ الطبعة السابقة.
(٤) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج‍ ١ ص ٧٠ مسألة ١٠٨ إدارة الطباعة المنيرية مطبعة النهضة بمصر سنه ١٣٤٧ هـ‍.
(٥) المستصفى ج‍ ٢ ص ٣٨٨
(٦) الاحكام لابن حزم ج‍ ٤ ص ١٩٢، ١٩٤، ٢٠٠، ٢٠١.
(٧) الأحكام للآمدى ج‍ ٤ ص ٢٩٧ الطبعة السابقة.
(٨) الأحكام لابن حزم ج‍ ٨ ص ١٣٩ الطبعة السابقة.