للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولأن العدة انما اعتبرت لمعرفة براءة الرحم لئلا يفضى الى اختلاط‍ المياه واشتباه الانساب ويجب أن يفرق بينهما لأنهما أجنبيان وتسقط‍ نفقة الرجعية وسكناها عن الزوج الأول لنشوزها ولم تنقطع عدتها حتى يطأ الثانى.

وجاء فى كشاف القناع (١): وان خالعها على سكنى دار معينة مدة معلومة صح الخلع سواء قلت المدة أو كثرت لأن ذلك مما تصح المعاوضة عليه فى غير الخلع ففيه أولى فان خربت الدار رجع المخالع بأجرة المثل لباقى المدة يوما فيوما لأنه ثبت منجما فلا يستحقه معجلا.

ثم قال (٢): هذا وحكم الرجعية فى العدة حكم المتوفى عنها فى لزوم المنزل لقول الله تعالى «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ٣» وسواء أذن لها الزوج فى الخروج أو لم يأذن، لأن ذلك من حقوق العدة وهى حق الله تعالى، فلا يملك الزوج اسقاط‍ شئ من حقوقها، كما لا يملك اسقاطها.

أما البائن (٤) فانها تعتد حيث شاءت من بلدها فى مكان مأمون، ولا يجب عليها العدة فى منزله، لما روت فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فأرسل اليها بشئ فسخطته فقال: والله مالك علينا من شئ، فجاءت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال لها: ليس لك عليه نفقة ولا سكنى، وأمرها أن تعتد عند أم شريك ثم قال: تلك امرأة يغشاها أصحابى، اعتدى فى بيت أم كلثوم، متفق عليه، وانكار عمر وعائشة ذلك يجاب عنه والمستحب اقرارها بمسكنها لقول الله عز وجل «لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ» الآية، ولا تسافر قبل انقضاء عدتها، لما فيه من التبرج والتعرض للريبة ولا تبيت الا فى منزلها أى المكان المأمون الذى شاءته وجوبا، فلو كانت دار المطلق متسعة لهما وأمكنها السكنى فى موضع منفرد كالحجرة وعلو الدار وبينهما باب يغلق ولها موضع تستتر فيه بحيث لا يراها مبينها ومعها محرم تتحفظ‍ به جاز أيضا فان لم يكن معها محرم لم يجز اذن.

[مذهب الظاهرية]

فرق الظاهرية فى حكم اسكان المعتدة بين المعتدة من طلاق رجعى، وبين من عداها، فقد قال ابن حزم فى المحلى: (٥) كل مطلقة للذى طلقها عليها الرجعة ما دامت فى العدة فلا يحل لها الخروج من بيتها الذى كانت فيه اذ طلقها، فان كان خوف شديد، أو


(١) كشاف القناع ج ٣ ص ١٣١ الطبعة السابقة والاقناع ج ٣ ص ٢٥٦ الطبعة السابقة.
(٢) كشاف القناع ج ٣ ص ٢٧٧، ص ٣٠١ الطبعة السابقة والاقناع ج ٤ ص ١٢٠ الطبعة السابقة.
(٣) الآية رقم ١ من سورة الطلاق.
(٤) كشاف القناع ج ٣ ص ٢٧٦ الطبعة السابقة والاقناع ج ٤ ص ١١٩، ص ١٢٠ الطبعة السابقة.
(٥) المحلى لابى محمد على بن أحمد سعيد بن حزم الظاهرى المتوفى سنة ٤٥٦ هـ‍ ج ١٠ ص ٢٨٢ مسألة رقم ٢٠٠٤ الطبعة الاولى طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر سنة ١٣٥٢ هـ‍.