للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لزمها حد فلها أن تخرج حينئذ، والا فلا أصلا، لا ليلا ولا نهارا البتة الا لضرورة لا حيلة فيها.

برهان ذلك قول الله عز وجل «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلاّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} … الخ».

وكذا (١) من خالع امرأته خلعا صحيحا لم يسقط‍ بذلك عنه نفقتها وكسوتها واسكانها فى العدة الا أن تكون ثلاثة مجموعة أو مفرقة، وذلك لأن (٢) المختلعة مطلقة طلاقا رجعيا فهى لا تخرج فيه من موضعها الذى طلقها فيه حتى تتم عدتها.

أما المتوفى عنها زوجها (٣) والمطلقة ثلاثا أو آخر ثلاث والمعتقة تختار فراق زوجها تعتد كل منهن حيث أحبت ولا سكنى لها لا على المطلق ولا على ورثة الميت ولا على الذى اختارت فراقه، ولهن أن يحججن فى عدتهن، وأن يرحلن حيث شئن.

برهان ذلك ما روينا من طريق مسلم باسناده عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس عن النبى صلّى الله عليه وسلّم فى المطلقة ثلاثا ليس لها سكنى ولا نفقة، قال الشعبى:

دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم فقالت:

طلقها زوجها البتة فقالت فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السكنى والنفقة، فلم يجعل لى سكنى ولا نفقة، وأمرنى أن أعتد فى بيت ابن أم مكتوم.

وروى عن جابر بن عبد الله قال طلقت خالتى ثلاثا فخرجت تجذ نخلها فنهاها رجل فأتت النبى صلّى الله عليه وسلّم فذكرت ذلك له فقال: اخرجى فجذى نخلك فعسى أن تصدقى منه أو تفعلى خيرا.

قال أبو محمد: أما خبر فاطمة فمنقول نقل الكافة قاطع للعذر، وأما خبر جابر ففى غاية الصحة، وقد سمعه منه أبو الزبير ولم يخص لها أن لا تبيت هنالك «وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلاّ ٤ وَحْيٌ يُوحى» «وَما كانَ رَبُّكَ ٥ نَسِيًّا» ولا يسع أحد الخروج عن هذين الأثرين لبيانهما وصحتهما ولم يصح فى وجوب السكنى للمتوفى عنها أثر أصلا.

ثم ان المنزل لا يخلو من أن يكون ملكا للميت أو ملكا لغيره، فان كان ملكا لغيره وهو مكترى أو مباح، فقد بطل العقد بموته، فلا يحل لأحد سكناه الا باذن صاحبه وطيب نفسه، وان كان ملكا للميت فقد صار للغرماء أو للورثة أو للوصية، فلا يحل لها مال الغرماء والورثة


(١) المرجع السابق لابن حزم الظاهرى مسألة رقم ١٩٨٠ ج ١٠ ص ٢٤٤ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ١٠ ص ٢٨٤ الطبعة السابقة.
(٣) المحلى لأبن حزم الظاهرى ج ١٠ ص ٢٨٢ وص ٢٨٣ الطبعة السابقة.
(٤) الآية رقم ٣، ٤ من سورة النجم.
(٥) الآية رقم ٦٤ من سورة مريم.