للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواز دون الوجوب. فان طرح ملك غيره ولو فى حالة الوجوب بلا اذن له فيه ضمنه كأكل مضطر طعام غيره بغير اذنه، وهذا لا ينافيه عدم الاثم لأن الاثم وعدمه يتسامح فيهما ما لا يتسامح فى الضمان، وان طرحه باذن مالكه فلا يضمنه.

[مذهب الحنابلة]

ويرى الحنابلة أنه: - ان خيف على السفينة الغرق فألقى بعض الركبان متاعه لتخف وتسلم من الغرق لم يضمنه أحد لأنه أتلف متاع نفسه باختياره لصلاحه وصلاح غيره، وان ألقى متاع غيره بغير أمره ضمنه وحده، وان قال لغيره ألق متاعك فقبل منه لم يضمنه له لأنه لم يلتزم ضمانه، وان قال ألقه وأنا ضامن له أو وعلى قيمته لزمه ضمانه له لأنه أتلف ماله بعوض لمصلحة فوجب له العوض على من التزمه» (١).

وقال فى نفس المصدر: واذا خرق سفينة فغرقت بما فيها وكان عمدا وهو مما يغرقها غالبا ويهلك من فيها لكونهم فى اللجة أو لعدم معرفتهم بالسباحة فعليه القصاص ان قتل من يجب القصاص بقتله وعليه ضمان السفينة بما فيها من مال ونفس، وان كان خطأ فعليه ضمان العبيد ودية الأحرار على عاقلته.

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم (٢) قوله: - فان هال البحر وخافوا العطب فليخففوا الأثقل فالأثقل ولا ضمان فيه على أهل المركب لأنهم مأمورون بتخليص أنفسهم، واما من رمى الأخف وهو قادر على رمى الأثقل فهو ضامن لما رمى من ذلك لا يضمنه معه غيره ولا يرمى حيوان الا لضرورة يوقن معها بالنجاة برميه ولا يلقى انسان أصلا لا مؤمن ولا كافر لأنه لا يحل لأحد دفع ظلم عن نفسه بظلم من لم يظلمه والمانع من القاء ماله المثقل للسفينة ظالم لمن فيها فدفع الهلاك عن أنفسهم بمنعه من ظلمهم فرض.

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل (٣) قوله: سفينة كريت لقوم فغرقت يضمن ربها ان دلس بها أو جهل سياسة البحر والا فالماء عدو قاهر فى الاهلاك فان أصيبت من فوقها بنحو ريح أو ماء أو ضرها الحوت بلا تفريط‍ منه فلا ضمان عليه.

قال: وللقوم ان انكسرت أن يأخذوا من ألواحها وأعوادها ما يركبونه وينجون به أنفسهم من الموت، وان خافوا غرقا خففوا بالقاء بعض المال بشراء من ربه باتفاقهم على المال وعلى الرءوس.

ومن ألقى ماله بلا مشورتهم فمتبرع به وغرمه وحده ان كان لغيره ولا يلقون انسانا ولو مشركا معاهدا.


(١) المغنى والشرح الكبير ج‍ ١٠ ص ٣٦٣.
(٢) ج‍ ٨ ص ٢٠٠ مسألة ١٣٢١.
(٣) ج‍ ٥ ص ١٧٠.