للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وصيانته بمنزلة الجانى فى دار الملك يعصم لحرمه الملك بخلاف الملتجئ إليها بجناية لا صدرت منه فى غيرها فأما حرم مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يمنع إقامة حد وقصاص لأن النص انما ورد فى حرم الله تعالى وحرم المدينة دونه فى الحرمة فلا يصح قياسه عليه وكذلك سائر البقاع لا تمنع من استيفاء حق ولا إقامة حد لأن أمر الله تعالى باستيفاء الحقوق وإقامة الحد مطلق فى الأمكنة والأزمنة خرج منها الحرم لمعنى لا يكفى فى غيره لأنه محل الانساك وقبلة المسلمين وفيه بيت الله المحجوج وأول بيت وضع للناس ومقام ابراهيم وآيات بينات فلا يلتحق به سواه ولا يقاس عليه ما ليس فى معناه.

[مذهب الظاهرية]

شراط‍ اقامة الحد جاء فى المحلى (١) أنه إنما أمر الله تعالى ورسول صلى الله عليه وسلم الأئمة وو لا تهم باقامة المذكورة على من جناها وبيقين الضرورة ندرى أن الله تعالى لم يأمرهم من ذلك إلا إذا ثبت ذلك عندهم وصح يقينا أن لكل زنا بزنية وكل قذف وكل عارية يحجدها قبل علم الامام بذلك فلم يجب عليه فيه شئ.

[كيفية إقامة الحد]

جاء فى المحلى (٢) ذكر ابن حزم اختلاف الأئمة فى كيفية إقامة الحد ثم قال إن الله تعالى لو أراد أن يكون إقامة الحد على حال لا يتعدى من قيام أو قعود أو فرق بين رجل أو أمرأة لبينه على لسان رسول عليه السلام، وليس من بين النصوص نص على شئ من هذا فصح أن الجلد فى الزنا والقذف فى الخمر والتعزير يقام كيف ما تيسر على المرأة والرجل قياما وقعودا فان امتنع أمسك ان دفع بيديه الضرب عن نفسه مثل أن يلقى الشئ الذى يضرب به فيمسكه أمسكت يداه.

[مكان إقامة الحد]

جاء فى المحلى (٣) أن الحدود لا تقام فى المساجد لما روى عن ابن عباس رضى الله تعالى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تقام الحدود فى المساجد ولا يقتل بالولد الوالد.

[مذهب الزيدية]

شرائط‍ إقامة الحد، جاء فى التاج (٤) المذهب أنه إنما يختص الامام بولاية الحدود بشرطين وهما أن يكون وقع سببها فى زمن ومكان يليه فلو زنى قبل ولا ية الامام أو فى المكان الذى لا تنفذ أوامر الامام فيه لم يلزمه الحد .. ويجب على مقيم الحد سواء كان الامام أو نائبه استفصال كل المسقطات للحد فيسأل مثلا إذا كان عن زنا عن عين الفعل وكيفيته وهل هو فى زمن إمام وبلد ولا يته وعن عدالة الشهود وصحة عقولهم وأبصارهم وهل بينهم والمشهود عليه عداوة وهل المشهود عليه مكره أو مختار له شبهة وهل هو حر أو عبد محصن.

وعلى الجملة يستفصل كل مسقط‍ فان قصر مقيم الحد فى شئ من ذلك فأقام الحد من دول استفصال ثم تبين أن المرجوم المحصن نكاحه فاسد أو ذاهب العقل أو نحوها ضمن ذلك المتولى لا قائمة الحد ما كان قد وقع بسبب تقصيره فى الاستفصال من أرش أو دية من ماله إن تعمد عدم الاستفصال وينعزل عن الامامة أو القضاء ولا يقتص منه بحال، وأما المأمور بالرجم أو الجلد فلا شئ عليهم لأنهم كالحاكم إذا ألجأ إلى شئ، وإن لم يتعمد المتولى التقصير بل


(١) المحلى لا بن حزم ج ١١ ص ١٣٤ وما بعدها.
(٢) المحلى لا بن حزم ج ١١ ص ١٨٢، ١٦٩
(٣) المرجع السابق ص ١١ ص ١٢٣
(٤) التاج المذهب ج ٤ ص ٢٠٧، ص ٢٢٣