الشرعى أو التصرف، وعلى هذا لا يقال لمن صلى بلا ركوع وسجود أبطل صلاته الا على معنى جاء بصلاة باطلة غير موجودة ولا لمن باع سلعة بغير قبول أبطل بيعه إلا على معنى جاء بعقد باطل، وقد يكون المراد بالإبطال إظهار بطلان الفعل الباطل أو العقد الباطل، وذلك يحدث فى القضاء بإبطال تصرف من التصرفات إذ لا يراد بقول القاضى أبطلت هذا العقد أو هذا الحق إلا أظهرت بطلانه، ذلك لأن القضاء مظهر ولا ينشئ إلا نادرا فى أحوال خاصة
ومما تقدم يتبين ما يأتى:
أولا: أن الإبطال جعل الفعل أو القول باطلا، وذلك بإعدامه فى نظر الشارع وتجريده من وصف الوجود شرعا، وهو الوجود الذى ناط به الشارع ترتب الآثار الشرعية عليه، ومن ثم عد الباطل معدوما فى نظر الشارع واعتباره وكان العقد الباطل معدوما لا يترتب عليه أثر، والصوم الباطل معدوما لا يجزئ عن الواجب الشاغل للذمة وهو بهذا المعنى يتناول معنى الفسخ كما سيتضح ذلك فيما يأتى.
ثانيا: ان الإبطال عند الحنفية يكون بادخال سبب مبطل على الفعل أو التصرف بعد بدايته بداية صحيحة، وذلك باعدام ركن من أركانه، كمن بدأ صلاته بداية صحيحة، ثم ترك فيها ركوعا أو سجودا أو بدأ صيامه، ثم أكل عامدا فى أثناء النهار أو بدأ حجه ثم أرتد أو باع ثم أبطل بيعه بخيار مجلس عند القائل به أو بخيار شرط إذا ما شرطه لنفسه فى العقد أو أذن الموهوب له فى قبض العين الموهوبة ثم عدل عن إذنه أو أوجب فى عقد من العقود ثم عدل عن إيجابه فى مجلس العقد أو تزوج ثم أبطل زواجه بردته أو بخيار بلوغ، فكل ذلك ابطال لما بدأ صحيحا، وهذا بخلاف الإفساد فإن معناه عندهم إلحاق مفسد بما شرع فيه من عمل أو تصرف، كمن شرع فى صلاته ثم تكلم فيها بما يتكلم به الناس أو انحرف فيها عن القبلة انحرافا جعلها إلى ظهره، أو صام فجامع فى صيامه، أو حج فجامع قبل وقوفه بعرفة، أو باع بثمن فأجله إلى وقت الميسرة أو اشترط فيه شرط خيار لمدة سنة أو بغير مدة، أو قارض فاشترط لنفسه ربحا معين المقدار، أو رهن فاشترط بقاء الرهن تحت يده … فذلك كله عند الحنفية إفساد لا إبطال، إذ أنه لا يرجع إلى خلل فى أصل الفعل أو التصرف، وإنما يرجع إلى وصف من أوصافه، ولا يفرق غيرهم بين الحالين فهى عندهم إبطال أو إفساد. (راجع مصطلح: بطلان وفساد)
الفرق بين الإبطال والفسخ:
بينا فيما سبق معنى الإبطال ومحله، ونقرر هنا أن الإبطال كما يحدث أثناء القيام بالعمل الشرعى، كما فى المصلى يتحدث فى صلاته بما يشبه كلام الناس، وكما فى البيع إذا فصل بين إيجاب البائع وقبول المشترى ما يحول دون اتصال