فهذا سبيل القطائع عندى فى أرض العراق ثم قال: ومن أقطعه الولاة المهديون فليس لأحد أن يرد ذلك وما يأخذونه من واحد فيعطى الآخر فذلك بمنزلة مال غصبه واحد من واحد.
ثم قال فى موضع آخر. وكل أرض من أرض الحجاز والعراق واليمن والطائف وأرض العرب وغيرها غامرة وليست لأحد ولا فى يد أحد ولا فى ملك أحد ولا ورثته ولا عليها أثر عمارة فأقطعها الامام رجلا فعمرها فان كانت فى أرض الخراج أدى عنها الخراج وان كانت من أرض العشر أدى عنها العشر. وأرض الخراج ما افتتح عنوة مثل السواد (سواد العراق) وغيره وأرض العشر كل أرض أسلم عليها أهلها فكل أرض أقطعها الامام مما فتحت عنوة ففيها الخراج الا أن يصيرها الامام عشرية وذلك اليه وأرجو أن يكون ذلك موسعا عليه فيه فكيفما شاء من ذلك فعل. ثم قال فى موضع آخر وكل من أقطعه الولاة المهديون أرضا من أرض السواد أو أرض العرب والجبال من الأصناف التى ذكرنا ان للامام أن يقطع منها فلا يحل لمن يأتى بعده من الخلفاء ان يرد ذلك ولا يخرجه ممن هو فى يده وارثا أو مشتريا ثم قال: والأرض عندى بمنزلة المال وللامام ان يجيز من بيت المال من كان له غناء فى الاسلام، ومن يقوى به على العدو ويعمل فى ذلك بالذى يرى أنه خير للمسلمين وأصلح لأمرهم وكذلك الأرضون يقطع الامام منها من أحب من الأصناف التى سميت ولا أرى ان يترك أرضا لا ملك لأحد فيها ولا عمارة حتى يقطعها فان ذلك أعمر للبلاد وأكثر للخراج وهذا حد الاقطاع عندى. وهذه النقول صريحة فى جواز اقطاع الامام من أموال بيت المال عقارا كانت أم منقولا، مواتا كانت أو صالحة للزراعة ولا مالك لها كما يجوز له اقطاع المعادن فى مناجمها وحكم ذلك هو تملك المقطع له ما أقطع له من المال اقطاع تميلك ملكا لازما لا يجوز أخذه منه بعد ذلك الا بحق. وذكر ابن عابدين فى حاشيته على الدر بعد ان نقل بعض هذه النصوص السابقة ما نصه: فهذا يدل على أن للامام أن يعطى الأرض من بيت المال على وجه التمليك لرقبتها كما يعطى المال حيث رأى المصلحة اذ لا فرق بين الأرض والمال فى الدفع للمستحق (١).
[مذهب المالكية]
فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى ما يفيد ان الأرض الموات يختص بها من عمرها ببناء أو غرس أو تفجير ماء ونحو ذلك فاذا اندرست العمارة وطال زمن الاندراس ففى بقاء الاختصاص يرد عنه قولان الأول يقول ان اندراسها لا يخرجها عن ملك محييها ولا يجوز لغيره أن يحييها وهى للأول أن أعمرها ولو طال زمن اندراسها وهو قول سحنون والثانى يقول ان اندراسها ينهى ملكيتها وجاز لغيره احياؤها وهو قول ابن القاسم أما العمارة الناشئة عن ملك كأرث وهبة فالاختصاص باق ولو طال زمن الاندراس اتفاقا واذا أقطع الامام أرضا مواتا أو أرضا تركها أهلها لكفار اختيارا لا لخوف لأنها فضلت عن حاجتهم ولا ماء فيها ولا غرس أو ماتوا عنها فانه يثبت للمقطع له بالاقطاع اختصاصه بها وأولويته باحيائها عن
(١) حاشية ابن عابدين ج ٣ ص ٢٩٠ طبعة الحلبى، ج ٤ ص ٦٦ الى ص ٦٩ طبعة الحلبى.