للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من الجنابة أو الغسل لاستباحة أمر لا يستباح الا بالغسل كقراءة القرآن والجلوس فى المسجد ويغسل كفيه ثلاثا قبل أن يدخلهما فى الاناء ثم يغسل ما على فرجه من الأذى ثم يتوضأ وضوأه للصلاة ثم يدخل أصابعه العشر فى الماء فيغرف بها غرفة يخلل بها أصول شعره من رأسه ولحيته ثم يحثى على رأسه ثلاث حثيات ثم يفيض الماء على سائر جسده ويمر يديه على ما قدر عليه من بدنه ثم يتحول عن مكانه ثم يغسل قدميه لأن عائشة وميمونة رضى الله عنهما وصفتا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك.

وفى نهاية المحتاج (١) قال: ويدلك بدنه خروجا من خلاف من أوجبه ويثلث، ولو انغمس فى ماء فان كان جاريا كفى فى التثليث أن يمر عليه ثلاث جريات لكن بفوته الدلك لعدم تمكنه منه غالبا تحت الماء فان كان الماء راكدا انغمس فيه ثلاثا اما برفع رأسه منه ونقل قدميه أو انتقاله فيه من مقامه الى آخر ثلاثا ولا يحتاج الى انفصال جملته ولا رأسه اذ حركته تحت الماء كجرى الماء عليه.

وجاء فى المهذب أيضا: وان كانت امرأة تغتسل من الجنابة كان غسلها كغسل الرجل فان كان لها ضفائر فان كان الماء يصل اليها من غير نقض لم يلزمها نقضها لأن أم سلمة رضى الله عنها قالت يا رسول الله. انى امرأة أشد ضفر رأسى أفأنقضه للغسل من الجنابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا. انما يكفيك أن تحثى على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيض عليك الماء فاذا أنت قد طهرت وان لم يصل اليها الماء الا بنقضها لزمها نقضها لأن ايصال الماء الى الشعر والبشرة واجب وان كانت تغتسل من الحيض فالمستحب لها أن تأخذ فرصة من المسك فتتبع بها أثر الدم. لما روت عائشة رضى الله عنها أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله عن الغسل من الحيض فقالت خذى فرصة من مسك فتطهرى بها فقالت كيف أتطهر بها فقال النبى صلى الله عليه وسلم سبحان الله تطهرى بها قالت عائشة رضى الله عنها قلت تتبعى بها أثر الدم فان لم تجد مسكا فطيبا غيره لأن القصد تطييب الموضع فان لم تجد فالماء كاف (٢).

[مذهب الحنابلة]

قال الحنابلة: الغسل اما كامل واما مجزئ فالغسل الكامل هو المشتمل على الواجبات والسنن وهو أن ينوى أى يقصد رفع الحدث الأكبر أو استباحة الصلاة ثم يسمى فيقول باسم الله لا يقوم غيرها مقامها ثم يغسل يديه ثلاثا ثم يغسل ما لوثه من أذى فيفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يضرب بيده الأرض أو الحائط‍ مرتين أو ثلاثة ثم يتوضأ كاملا ثم يحثى على رأسه ثلاثا يروى بكل مرة أصول شعره لقول ميمونة ثم أفرغ على رأسه ثلاث حثيات ولقول عائشة رضى الله عنها ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه فى أصول الشعر حتى اذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم «تحت كل شعرة جنابة فاغسلوا الشعر وأتفوا البشرة ثم يفيض الماء على بقية جسده ثلاثا لقول عائشة رضى الله عنها ثم أفاض على سائر جسده ويبدأ بشقه الأيمن ثم بشقه الأيسر ويدلك بدنه بيده لأنه أنقى وبه يتيقن وصول الماء الى مغابته وجميع بدنه ويتفقد أصول شعره وغضاريف أذنيه وتحت حلقه وأبطيه وعمق سرته وحالبيه وبين اليتيه وعلى ركبتيه ليصل الماء أليها ويكفى الظن فى الإسباغ أى فى وصول الماء الى البشرة لأن اعتبار اليقين حرج ومشقة ثم يتحول عن موضعه فيغسل قدميه ولو كان فى حمام ونحوه مما لا طين فيه لقول ميمونة رضى الله عنها ثم تنحى عن مقامه


(١) نهاية المحتاج لابن شهاب الرملى ج‍ ١ ص ٢١٠ الطبعة السابقة.
(٢) المهذب للشيرازى ج‍ ١ ص ٣١ الطبعة السابقة.