للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نحوه. قلت: فيه نظر إلا لتعرف حاله. وإذا بطلت ولاية الممتنع انتقلت ولايته إجماعا ولا يخير لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له". ولا يقبل قولها فيه، إذ حق الولى ثابت في الظاهر، فإن لم يكن إمام وكلت، وعن قوم: ينتظر. ويدل لنا ما مر. فإن رجع عن العضل قبل الإِنكاح عادت الولاية. قلت: ومن عرف من حاله العضل عن تزويج نسائه فيما مضى، وخيف من مؤاذنته في الحال كسلاطين اليمن انتقلت ولايته، وإن لم يؤاذن عملا بالظاهر واستصحاب الحال (١) قال الإمام يحيى عليه السلام: والمجنون المطبق كالصغير، تعتبر المصلحة، قال: والسفيه والمعتوه يزوجه وليه حتما إن طلب كإنفاقه من ماله، وله أن يأذن له إذ هو ممن يصح عقده كطلاقه، فإن امتنع وليه فعقد لنفسه فوجهان: لا يصح كالصغير، ويصح كمن امتنع غريمه على دينه فأخذ من ماله. دلت الأقرب أن هذا لغير المذهب، فأما التخيير فحكمه فيه حكم الثيب (٢). ولا يصح نكاح عبد إلا بإذن سيده لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أيما عبد تزوج بغير إذن سيده فهو عاهر" قال الإمام يحيى: أراد به أنه كالعاهر، وليس بزان حقيقة لاستناده إلى عقد. قلت: بل زان إن علم التحريم فيحد ولا مهر، قالت العترة: فإن عقد كان موقوفا ينفذ بالإجازة. قال الناصر عليه السلام: لا ينفذ بالإِجازة لقول النبى - صلى الله عليه وسلم -: "إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه باطل" قلنا: يعنى غير نافذ جمعا بينه وبين خبر حكيم بن حزام في الموقوف (٣).

مذهب الإِمامية:

جاء في الروضة البهية أن الولى لو عضل موليته فلم يزوجها من الكفء مع وجوده ورغبتها فلا بحث في سقوط ولايته وجواز استقلالها به، ولا فرق حينئذ بمن كون النكاح بمهر المثل وغيره، ولو منع من غير الكفء لم يكن عضلا (٤). وجاء في الخلاف أن الولى إذا عضل المولية كان لها أن توكل من يزوجها، أو تزوج نفسها إذا كانت بالغة (٥).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أن الولى يجبر على تزويج موليته إن امتنع من تزويجها بلا عذر، وهو ظلم لها وكبيرة يرضيها عليه أو تجعله في حل. ويجبر بلا ضرب إن لم يجد كفأها ووجد غيره وخاف عليها الزنا. وإن امتنع وكلت حينئذ من يزوجها أو زوجها الحاكم والإمام أو الجماعة. واختلف في كيفية إجبار الولى الممتنع، فقيل يجبر بحبس - وهو الصحيح - وقيل: يضرب بلا عدد محدود حتى يزوجها من كفؤها إن حضر الكفء، وقيل: يضرب تأديبا، ويزوجها الإمام أو نحوه، أو الجماعة، أو يوكلون لها، أو توكل هي، أو يزوجها ولى دون الولى الممتنع، كشقيق أبى أن يزوجها


(١) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للإمام المهدى لدين الله أحمد بن يحيى بن مرتضى جـ ٣ ص ٥٥ الطبعة الأولى مطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر سنة ١٣٦٧ هـ سنة ١٩٤٨ م.
(٢) المرجع السابق جـ ٣ ص ٥٨ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق جـ ٣ ص ١٣١ نفس الطبعة.
(٤) الروضة اليهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجعبى العاملى جـ ٢ ص ٧١، ص ٧٢ بتصحيح العلامة الشيخ عبد الله السبيتى.
(٥) الخلاف في الفقه للإمام أبى جعفر محمد بن الحسن بن على الطوسى جـ ٢ ص ١٥٢ مسألة رقم ٣٨ الطبعة الثانية طبع مطبعة تابان في طهران سنة ١٣٨٢ هـ.