للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيزوجها أخ الأب. وكذا السيد إن طلبه مملوكه - على الصحيح - يجبر بالضرب بلا عدد، وقيل: بالحبس، وقيل: لا، وكذا يجبر خليفة اليتيمم أو المجنون إذا طلبه عبيدهما أو إماؤهما كما قال أبو زكرياء رحمه الله تعالى. وحرم على الولى أن يأخذ مالا من وليته على تزويجها بلا طيب نفس منها إن امتنع من تزويجها إلا بالمال؛ لأن تزويجه إياها فرض، ولا يحل أخذ مال على فرض، وهل لها أن تعطي، قال الله تعالى: "وأنكحوا الأيامى منكم" (١) فأمر الأولياء بالإِنكاح، والأمر للموجوب والفرض، أي إن أردن ذلك. وقال الله تعالى: "ولا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن" (٢) أي أن يتخذن أزواجا فنهاهم أن يمسكوهن، والنهى للتحريم إلا بقرينة فلا يجوز له أن يفعل المنع ويتوصل به إلى الأجرة إلا إن كان يسافر إلى العقد فله الأجرة، ويحتمل أن يريد بأزواجهن من هن في عدة طلاقهم، نهاهم أن يمنعوهن عن الرجوع وقد تدل الآية على أنه يجوز منعهن عن غير أكفائهن إذا قلنا معنى ينكحن أزواجهن: أن يتخذن أزواجا، بأن يقال: المعنى أن ينكحن الأزواج الذين يتأهلن لهم، والإضافة لهذا المعنى، كأنه قيل: أن ينكحن أقرانهن، كما قال الله تعالى: "الطيبات للطيبين" (٣) الآية، يقال فلان زوج لفلانة بمعنى كفؤها، وفلان ليس زوجا لها أي ليس كفئا لها، فيفهم أن لهم أن يعضلوهن إذا أردن الزواج ممن ليس زوجا لهن، أعنى من لا يصلح لهن زوجا، أما إذا فسرنا الآية بالرجعة فلا تمنع عن زوجها ولو لم يكن كفئا لها، وليس النكاح إليها حينئذ بل يراجعها ولو كرهت، قال في الديوان: ينظر المسلمون في منعه فإن أراد به المال ومضرتها فلا يتركوه إلى ذلك وليخوفوه بالله تعالى لقول الله عز وجل: "ولا تعضلوهن" وإن اعمل بعلة نظروا فإن وجدوا لها وجها رجعوا إلى المرأة وأمروها بطاعة وليها لأنه الناظر لها وإن أراد إضرارها أمروها أن تولى أمرها غيره وإن طلبت إليه واحدا فرده ثم آخر فرده أو أكثر فهل يكون ذلك تعطيلا أم لا؟ قولان، وإنما ينظر إلى إضرارها إذ لا حد لذلك لأنه ربما رد واحدا أو أكثر وله وجه، وربما رد واحدا وهو فيه أضر. وللإمام ومن أمره قاضيه والسلطان ومن أمره ولو جاء إن لم يكن الإِمام وقيل الجائر كواحد من الرعية، وللحاكم إن لم يكن قاض ولو للجائر، والجماعة أو ثلاثة منهم إن لم يكن الحاكم لهؤلاء جميعا تزويج امرأة إن امتنع وليها بما لا يقبل ولم يكن من دونه من الأولياء (٤).


(١) الآية رقم ٣٢ من سورة النور.
(٢) الآية رقم ١٨٥ من سورة البقرة.
(٣) الآية رقم ٢٦ من سورة النور.
(٤) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش جـ ٣ ص ٦٩، ص ٧٠ طبع المطبعة الأدبية بمصر.