للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذا ثبت هذا فانما يحرم البيع ويبطل اذا علم البائع قصد المشترى ذلك، أما بقوله، وأما بقرائن مختصة به تدل على ذلك.

وأما ان كان الأمر محتملا مثل أن يشتريها من لا يعلم حاله، أو من يعمل الخل والخمر فالبيع جائز.

واذا ثبت التحريم فالبيع باطل، لأنه عقد على عين لمعصية الله بها، فلم يصح، كاجارة الأمة للزنا وللغناء (١).

[مذهب الظاهرية]

يقول ابن حزم: «كل شئ أسكر كثيره أحدا من الناس فالنقطة منه فما فوقها الى أكثر المقادير خمر حرام ملكه وبيعه (٢).

ويقول أيضا: وجائز بيع العصير ممن لا يوقن أنه يبقيه حتى يصير خمرا. فان تيقن أنه يجعله خمرا لم يحل بيعه منه أصلا وفسخ البيع، لقول الله تعالى:

وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان.

وبيقين ندرى أنه من باع العنب أو النبيذ أو الخمر ممن يتخذه خمرا، فقد أعانه على الاثم والعدوان، وهذا محرم بنص القرآن، واذ هو محرم فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: ويحرم بيع الخمر، لما روى عن جابر بن عبد الله قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام فتح مكة: ان الله حرم بيع الخمر والميتة والأصنام .. الحديث

وما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ان الله اذا حرم على قوم أكل شئ حرم عليهم ثمنه.

فان باعها ذمى لمسلم لم يصح اذ حرم ثمنها، فعن ابن عباس أن رجلا أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راوية خمر، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هل علمت أن الله حرمها قال لا، قال: فسار انسانا الى جنبه، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلم: بم ساررته، قال: أمرته ببيعها، فقال: ان الذى حرم شربها حرم ثمنها، ففتح حتى ذهب ما فيها (٤).


(١) المغنى لابن قدامة المقدسى ج‍ ٤ ص ٢٢٢، ص ٢٢٣.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى ج‍ ٧ ص ٤٧٨ الطبعة السابقة.
(٣) المرجع السابق لأبن حزم الظاهرى ج‍ ١١ ص ٣٧١ مسألة رقم ٢٥٩٢ الطبعة السابقة.
(٤) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد بن يحيى المرتضى وهامشه ج‍ ٤ ص ٣٠٨، ص ٣٠٩ الطبعة السابقة.