للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذلك، فإن لم يعين أيهما فسدت للجالة، فإن عين المحمول فحسب صحت والحكم ما مر، فإن عين الحامل فحسب صحت وتعين، فلا يلزم إبداله إن تلف كتلف المبيع، وتنعكس تلك الأحكام لتعيينه حينئذ، قلت: إلا لعرف في السير فيتبعه ضمان (١) الحمل. والعقد الخاص إنما يتناول تسليم النفس، فهو أمين فيما يقبضه لا يضمن إلا لتعد أو تفريط كالمودع ولا يضمن الجناية ولو خطأ. وإنما يستحق الأجرة بتسليم نفسه المدة المعلومة، فللمستأجر منعه من العمل لغيره واستعماله في أي عمل شاء، فإن اممنع من العمل أو عمل للغير فلا أجرة على المستأجر والأجر له، وقيل: بل للمستأجر لملكه المنافع كالعبد. قلت: والقياس يقتضيه (٢). والمذهب على أنه إذا مرض الأجير الخاص لم تسقط حصة مدة المرض إن لم يفسخ إذ يستحق بالمدة، وللمستأجر الفسخ بالعيب إن كان الأجير ممن يتولى العمل بنفسه، فإن أبق العبد الأجير أو مات لم يلزم إبداله إجماعا، وسقطت حصة باقى المدة، إذ لم يسلم نفسه فيها خلاف (٣).

والمذهب أن للأجير حبس العين لقبض الأجرة والضمان بحاله. قلت: وكذا المبيع بعد التفاسخ إذ هي عين تعلق بها حق فأشبهت الرهن، وقال أبو حنيفة رضى الله تعالى عنه: له حبس المصنوع لا المحمول، قلنا: لا وجه للفرق. قال الإِمام يحيى عليه السلام: ولا يسقط الضمان بالتخلية ما لم يتسلمه المالك، قال أبو طالب: كما قال أبو حنيفة لو سلم المبيع بالتخلية ثم تلف قبل تسليم المشترى فإنه يتلف من مال البائع، لكن فائدة التخلية لزوم الثمن، فللبائع بعدها المطالبة لا قبلها. قل: وظاهر المذهب أن التخلية كالقبض لكن بعد تسليم الثمن أو تخليته فيتلف حينئذ من مال المشترى، فينظر لا إجماع (٤).

مذهب الإِمامية:

جاء في الروضة البهية أن الأجير يملك الأجرة بالعقد لاقتضاء صحة المعاوضة انتقال كل من العوضين إلى الآخر، لكن لا يجب تسليمها قبل العمل، وإنما تظهر الفائدة في ثبوت أصل الملك فيتبعها النماء متصلا ومنفصلا، ويجب تسليمها بتسليم العين المؤجرة وإن كانت على عمل فبعده لا قبل ذلك، حتى لو كان المستأجر وصيا أو وكيلا لم يجز له التسليم قبله إلا مع الإِذن صريحا أو بشاهد الحال، ولو فرض توقف الفعل على الأجرة كالحج وامتنع المستأجر من التسليم تسلط الأجير على الفسخ (٥) وإذا تسلم المستأجر العمن ومضت مدة يمكن فيها الانتفاع بها فيما استأجرها له استقرت الأجرة وإن لم يستعملها، وفى حكم التسليم ما لو بذل المؤجر العين فلم يأخذها المستأجر حتَّى انقضت المدة أو مضت مدة يمكنه الاستيفاء فتستقر الأجرة (٦). ومؤنة العبد والدابة على المالك لا المستأجر لأنها تابعة للمالك، وأصالة عدم وجوبها على غير المالك، وقيل: على المستأجر مطلقًا وهو ضعيف. ثم إن كان المالك حاضرا عندها أنفق وإلا استأذنه المستأجر في


(١) المرجع السابق جـ ٤ ص ٤٣ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ٥٠ نفس الطبعة.
(٣) المرجع السابق جـ ٤ ص ٥١ نفس الطبعة.
(٤) المرجع السابق جـ ٤ ص ٥٧ نفس الطبعة.
(٥) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى ج ٢ ص ٤ بتصحيح الشيخ عبد الله السبيتى.
(٦) المرجع السابق جـ ٢ ص ٨ نفس الطبعة.