للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاجارة، وكل ما كان حاضرا فاستؤجر من يعمله فلا يحتاج فيه الى ذكر الأجل مثل أن يستأجره على أن يبذر له هذا البذر أو يحصد له هذا الزرع أو يكيل له هذا الشعير أو يطحنه أو يقطع له هذا الثمر أو غير ذلك مما قد يحتاج فى انجازه الى أيام ولكن لا يعد الزمن معيارا له لتعينه بالمشاهدة أما ما لا يستغنى فيه عن ذكر الأجل لأنه المعيار المعرف له فلا بد فيه من ذكر الأجل كرعاية الحيوان وحراسته وسكنى المنازل والارضاع والخدمة ونحو ذلك، وهذا بخلاف ما ينقل أو يحمل فلا يحتاج فيه الى ذكر الأجل، وانما يشترط‍ بيان مكان ابلاغه.

ولا يجوز عند ذكر الأجل أن يكون مجهولا لأن الجهالة فيه جهالة لما جعل معيارا له، وذلك مفسد للاجارة.

وان عقدوا الاجارة الى أجل معلوم والعمل فى هذا الوقت أو على أن يكون العمل والأجر الى أجل معلوم أو عقدوا على أن ينقدوا الأجر ويكون العمل الى أجل معلوم فذلك جائز على ما اتفقوا عليه (١).

والرأى فى حساب الأشهر وتقديرها فى المذاهب يرجع فيه الى مصطلح «أجل».

ويحتسب يوم العمل بالشروع فيه عند طلوع شمسه على الأقل، فاذا شرع فى العمل بعد طلوع الشمس لم يحتسب له، ويحتسب له ابتداء من الغد، ويجوز عندهم التأجير سنة غير معينة البداية فيجب العمل حينئذ شاغلا للذمة، وعند ذلك يجب الشروع فيه عند طلب المؤجر اياه كالدين الثابت فى الذمة حالا يجب أداؤه عند طلبه من الدائن، واذا أدى الأجير العمل بلا طلب أجزأه ذلك، وجاز العقد على سنة كل شهر منها بكذا فيستحق الأجير من المؤجر بحساب ما عمل فى الشهر وقيل لا يستحق أجرا على المؤجر الا اذا عمل الشهر كله ولكل من العاقدين فى هذه الحال خيار الفسخ متى شاء، وقيل ليس للأجير حق الفسخ اذا شرع فى العمل الا عند تمام الشهر، ولا يقبل الفسخ منه فى أثنائه كما لا يقبل أيضا من المؤجر فى هذه الحال واذا تضمن العقد بداية المدة ألزم الأجير بالعمل من حينه فاذا لم يبدأ حين العقد صح العقد ويجبر ما فات من العمل اما بعمل فى وقت آخر بعد المدة واما بنقص الأجرة (٢).

الشرط‍ الثانى

أن يكون استيفاؤها مقدورا،

وهو شرط‍ لصحة الاجارة.

[مذهب الحنفية]

يرى الحنفية أن تكون المنفعة ممكنة التحقق مقدورا استيفاؤها حقيقة ودون حرج شرعى، ذلك لأن العقد لا يكون وسيلة الى نيل المعقود عليه بدون ذلك، ورتبوا على ذلك عدم جواز استئجار الآبق لعدم القدرة على استيفاء المنفعة المطلوبة منه وعدم جواز اجارة المغصوب لغير غاصبه وعدم جواز اجارة المشغول بمال المؤجر اذا كان ذلك


(١) شرح النيل ج‍ ٥ ص ٤٩، ٥٠.
(٢) راجع شرح النيل ج‍ ٥ ص ٤٩ وما بعدها الى ص ٥٤.