للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كالاستثناء لأن الاستثناء من متممات الكلام لغة. والمحكوم بثبوته فيه هو الباقى من المستثنى منه بعده بخلاف الاضراب. فأنه بعد الايجاب يجعل ما قبل. بل كالمسكوت عنه بعد الاقرار به فلا يسمع .. والفارق بين الاستثناء والاضراب اللغة.

وقد قالوا: انه لو قال: له على قفيز حنطة بل قفيز شعير لزمه القفيزان قفيز الحنطة وقفيز الشعير. لثبوت الاول بالاقرار والثانى بالاضراب والانتقال اليه .. ولو قال: له على قفيز حنطة بل قفيزان حنطة لزمه قفيزان من الحنطة وهو الاكثر .. ولو قال: له على هذا الدرهم بل هذا الدرهم. لزمه الدرهمان لاعترافه فى الاضراب بدرهم آخر مع عدم سماع العدول منه .. ولو قال: له على هذا الدرهم بل درهم لزمه درهم واحد لعدم تحقق المغايرة بين المعين والمطلق لامكان حمله عليه … وحاصل الفرق بين هذه الصور يرجع الى تحقيق معنى بل .. وخلاصة هذا التحقيق انها حرف اضراب. ثم ان تقدمها ايجاب وتلاها مفرد جعلت ما قبلها كالمسكوت عنه فلا يحكم عليه بشئ. واثبت الحكم لما بعدها. وحيث كان الاول اقرارا صحيحا استقر حكمه بالاضراب عنه .. وان تقدمها نفى فهى لتقرير ما قبلها على حكمه وجعل ضده لما بعدها. ثم ان كانا مع الايجاب مختلفين او معينين لم يقبل اضرابه لانه انكار للاقرار الاول وهو غير مسموع ..

فالاول كأن يقول: له قفيز حنطة بل قفيز شعير والثانى كقوله: له هذا الدرهم بل هذا الدرهم فيلزمه القفيزان والدرهمان لان أحد المختلفين وأحد الشخصين غير داخل فى الآخر. وان كانا مطلقين او احدهما لزمه واحد ان اتحد مقدار ما قبل بل وما بعدها كقوله: له على درهم بل درهم. أو له على هذا الدرهم بل درهم. او له على درهم بل هذا الدرهم .. لكن يلزمه مع تعيين احدهما المعين .. وان اختلفا كمية كقوله: له عندى قفيز بل قفيزان او هذا القفيز بل قفيزان او له قفيزان بل هذا القفيز. لزمه الاكثر. لكن ان كان المعين هو الاقل لزمه المعين ووجب الاكمال.

ولو قال: هذه الدار لزيد بل لعمرو.

دفعت الى زيد عملا بمقتضى الاقرار الاول وغرم المقر قيمتها لعمرو لانه قد حال باقراره بملكية الدار لزيد بين عمرو وبين الدار فيغرم له القيمة اذ الحيلولة توجب الغرم. الا أن يصدقه زيد فى أن الدار لعمرو فتدفع اليه من غير غرم .. ولو أشهد شاهدى عدل بالبيع لزيد وقبض الثمن منه. ثم ادعى المواطأة بينه وبين المقر له على الاشهاد ومن غير ان يقع بيع وقبض. سمعت دعواه لجريان العادة بذلك.

وأحلف المقر له على الاقباض او على عدم المواطأة .. ويحتمل عدم سماع دعوى المواطأة فلا يتوجه اليمين على المقر له لانه مكذب لاقراره. ويضعف بأن ذلك واقع تعم به البلوى. فعدم سماع الدعوى يفضى الى الضرر .. هذا اذا شهدت البينة على اقراره بها. اما اذا شهدت بالقبض لم يلتفت اليه لانه مكذب لها طاعن فيها فلا يتوجه بدعواه يمين.

[القسم الثانى]

من تعقيب الاقرار بما ينافيه: سبق فى اول الكلام على تعقيب الاقرار بما ينافيه أن هذا التعقيب قسمان: الاستثناء. وذكر كلام