كسؤر الآدمى ومأكول اللحم لانعدام العلة الموجبة للنجاسة وهى الرطوبة النجسة الحاصلة فى آلة الشرب كما فى سباع البهائم فانها تشرب بلسانها وهو رطب بلعابها المتولد من لحمها النجس وما كان متولدا من النجس فهو نجس الا أنه يكره كراهة تنزيه لان سباع الطير لا تحترز عن تناول الميتات والنجاسات بمنقارها فيتوهم بقاء شئ من ذلك عليها كالدجاجة المخلاة حتى لو لم تأكلها لا يكره وقد علق الرهاوى المصرى فى حاشيته على شرح المنار فقال ان الاستحسان يطلق على معنى أعم من القياس وهو ترك القياس الجلى بدليل أقوى وهو بهذا الاعتبار يكون أربعة أقسام وهى التى ذكرها النسفى ويطلق على معنى أخص منه وهو قسم منه اذ هو القياس الخفى وبهذا يظهر ان بين القياس بالمعنى الاعم وبين الاستحسان بالوجه الاخص عموما وخصوصا من وجه لوجود القياس بدون الاستحسان فى صورة القياس الجلى فى مقابلة الخفى ووجود الاستحسان دون القياس فى صورة الاستحسان بالاثر والاجماع والضرورة ووجودهما معا فى القياس الخفى فى مقابلة الجلى وبين القياس الجلى والاستحسان الخفى مباينة. وبين الاستحسان بالمعنى الأعم وبينه بالمعنى الأخص عموم وخصوص مطلق وكذا بين القياس بالمعنى الاعم والاخص.
[تقسيم الاستحسان من ناحية قوة الاثر وضعفه]
يرى الحنفية (١):
أن من الاستحسان قسما قوى تأثيره وظهر صحته وهذا عندهم مقدم على القياس الجلى الذى ضعف أثره - وهو الاستحسان المعمول به عندهم - ومثلوا له بسؤر سباع الطير فانه نجس بالقياس على سؤر سباع البهائم وهذا معنى ظاهر الأثر لكنه فى الاستحسان طاهر لأن نجاسة السبع ليست لعينه بدليل جواز الانتفاع بجلده وهذا الاستحسان قوى أثره الباطن فرجح على القياس لأن الاعتبار للأثر ألا يرى أن الدنيا ظاهرة والعقبى باطنة ولكن ترجح العقبى لقوة أثرها من حيث الدوام والصفاء على الدنيا لضعف أثرها من حيث الكدورة والفناء.
وأما اذا ضعف تأثيره وقوى تأثير مقابله الذى هو القياس فانه يقدم عندهم القياس على الاستحسان - وهذا ما يعبرون فيه بقولهم فى بعض الاحكام قياسا لا استحسانا مثال ذلك أن القارئ اذا تلا آية السجدة فى صلاته فانه يركع بها ان شاء ركوعا غير ركوع الصلاة ثم يعود الى محض القيام أو ركوع الصلاة على خلاف بينهم فى ذلك.
ثم يقولون ان له السجود اذا شاء الا أن الركوع يحتاج الى النية دون السجدة وان كان فى وسط السورة ينبغى أن يسجد