للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برهان ذلك قول الله تعالى «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» الآية.

والمسجد الحرام فى المبدأ: انما هو البيت فقط‍، ثم زيد فيه الشئ بعد الشئ.

ولا خلاف بين أحد من الامة أن امرءا لو كان بمكة بحيث يقدر على استقبال الكعبة فى صلاته، فصرف وجهه عامدا عنها الى ابعاض المسجد الحرام، أو من خارجه، أو من داخله، فان صلاته باطلة.

[مذهب الزيدية]

قال الزيدية فى كتاب شرح الازهار: (١)

يتحقق استقبال القبلة بتيقن المصلى استقبال عين الكعبة، أو جزء منها، أى جزء كان.

وقال فى الانتصار فان توجه ببعض بدنه ففى صحة صلاته تردد، المختار أنها لا تصح.

وقال الفقيه يحيى بن أحمد: العبرة بالوجه، وهو الصحيح، فان لم يتمكن من استقبال عينها الا بقطع مسافة

بعيدة، نحو أن يحتاج الى صعود جبل عال، حتى يتمكن من اليقين طلبه.

ولا يجزيه التحرى الى أن يلزمه آخر الوقت.

وقال المنصور: لا تجب المقابلة للعين، الا اذا كان بينه وبينها ميلا فما دون، ولا يجب أكثر من ذلك.

وظاهر كلام أهل المذهب أن الحجر من البيت حيث أوجبوا الطواف من خارجه فيجزئ استقباله.

واليقين فى استقبال عين الكعبة انما هو فرض على المعاين لها، وهو الذى فى القرب منها، وهو الميل على وجه ليس بينهما حائل.

وهو أيضا فرض على من فى حكم المعاين، وهو الذى يكون فى بعض بيوت مكة الداخلة فى الميل التى لا يشاهد منها الكعبة، بأن يكون أعمى، أو بعيدا منها، بحيث لا يتمكن من معاينتها الا بعد خروج الوقت.

ويتحقق استقبال القبلة للمصلى فى مسجد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم بالاتجاه الى محراب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم الذى عين مكانه، فمن كان معاينا لمحراب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو فى حكم


(١) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار فى فقه الائمة الاطهار وحاشيته لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج‍ ١ ص ١٩٠ طبع مطابع حجازى بمصر الطبعة الثانية سنة ١٣٥٧ هـ‍.