للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا ممن داره بين الميقات ومكة لقول الله تعالى «ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ ١ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ» فلا يصح التمتع من هؤلاء على أصل يحيى عليه السّلام، فلو خرج المكى الى خارج الميقات فعن أبى على أنه يصح منه التمتع على مذهب يحيى عليه السّلام.

وقال المنصور بالله وابن معرف لا يصح فلو كان للمكى وطن آخر خارج الميقات فعلى قول أبى على يصح تمتعه إذا أتى من خارج الميقات ومن أقام أياما بمكة بعد أن (٢) طاف طواف الوداع وجب عليه أن يعيده وذلك لأنه قد بطل وداعه باقامته قال المهدى عليه السّلام وظاهر كلام أبو طالب وغيره أنه لا يبطل باقامته يوما أو يومين لأنه قال أياما وأقل الجمع ثلاثة.

وقال المنصور بالله أن له بقية يومه فقط‍ لأن الوداع ليوم الصدر وهو يوم العزم على السفر.

[مذهب الإمامية]

جاء فى مستمسك العروة (٣) الوثقى: أن من كان له وطنا أحدهما فى الحد والآخر فى خارجه لزمه فرض أغلبهما لصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له فقلت لأبى جعفر عليه السّلام أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة فقال عليه السّلام فلينظر أيهما الغالب فإن تساويا كان مستطيعا من كل منهما تخير بين الوظيفتين وإن كان الأفضل اختيار التمتع وإن كان مستطيعا من أحدهما دون الآخر لزمه فرض وطن الاستطاعة.

واذا صار (٤) الآفاقى مقيما فى مكة فان كان ذلك بعد استطاعته ووجوب التمتع عليه فلا إشكال فى بقاء حكمه سواء كانت إقامته بقصد التوطن أو المجاورة ولو بأزيد من سنتين وأما إذا لم يكن مستطيعا ثم استطاع بعد إقامته فى مكة فلا إشكال فى انقلاب فرضه إلى فرض المكى فى الجملة كما لا اشكال فى عدم الانقلاب بمجرد الاقامة - وإنما الكلام فى الحد الذى به يتحقق الانقلاب فالأقوى ما هو المشهور من أنه بعد الدخول فى السنة الثالثة لصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السّلام من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة ولا متعة له أو صحيحة عمر بن زيد عن الصادق عليه السّلام «المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين فإذا جاوز سنتين كان قاطنا وليس له أن يتمتع، وقيل بأنه بعد الدخول فى الثانية لجملة الاخبار وهو ضعيف. والظاهر من الصحيحين اختصاص الحكم بما اذا كانت الاقامة بقصد المجاورة فلو كانت بقصد التوطن فينقلب بعد قصده من الأول فما يظهر من بعضهم من كونها أعم لا وجه له كصحيح حفص بن البحترى عن أبى عبد الله عليه السّلام «فى المجاور بمكة يخرج إلى أهله ثم يرجع إلى مكة بأى شئ يدخل» قال عليه السّلام ان كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع وان كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع وصحيح محمد بن مسلم «من أقام بمكة سنة فهو بمنزلة أهل مكة» وخبر الحسين بن عثمان وغيره عمن ذكره عن ابى عبد الله عليه السّلام قال «ومن أقام بمكة خمسة أشهر فليس له أن يتمتع».

وأما المكى اذا خرج الى سائر الأمصار مقيما بها فلا يلحقه حكمها فى تعين التمتع عليه لعدم الدليل وبطلان القياس إلا اذا كانت الاقامة فيها بقصد التوطن وحصلت الاستطاعة بعده فانه يتعين عليه التمتع بمقتضى القاعدة ولو فى السنة الأولى وأما إذا كانت بقصد المجاورة أو كانت الاستطاعة حاصلة فى


(١) الاية رقم ١٩٦ من سورة البقرة.
(٢) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لابى الحسن عبد الله ابن مفتاح ج ٢ ص ١٣٢ الطبعة السابقة.
(٣) مستمسك العروة الوثقى للسيد محمد كاظم الطباطبائى اليزدى وعليها تعليقات لاشهر مراجع العصر وزعماء الشيعة الإمامية ج ١٠ ص ٤٦٥ وما بعدها مسألة رقم ١ طبع مطبعة الكتب الاسلامية للشيخ محمد الاجوندى بطهران الطبعة الثانية سنة ١٣٨٨ هـ‍.
(٤) المرجع السابق لمحمد كاظم الطباطبائى اليزدى ج ١٠ ص ٤٧٠ وما بعدها الطبعة السابقة مسألة رقم ٣ الطبعة السابقة