للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمره تبرع بقضاء دين الغير فلا يحتمل الرجوع ومنها أن يكون باذن صحيح وهو اذن من يجوز اقراره على نفسه بالدين حتى أنه لو كفل عن الصبى المحجور باذنه فأدى لا يرجع لان اذنه بالكفالة لم يصح لانه من المكفول عنه استقراض واستقراض الصبى لا يتعلق به الضمان وأما العبد المحجور فاذنه بالكفالة صحيح فى حق نفسه حتى يرجع عليه بعد العتاق لكن لا يصح فى حق المولى فلا يؤاخذ به فى الحال ومنها اضافة الضمان اليه بأن يقول اضمن عنى، ولو قال اضمن كذا ولم يضف الى نفسه لا يرجع لانه اذا لم يضف اليه فالكفالة لم تقع اقراضا اياه فلا يرجع عليه ومنها أداء المال الى الطالب أو ما هو فى معنى الاداء اليه فلا يملك الرجوع قبل الاداء لان معنى الاقراض والتمليك لا يتحقق الا بأداء المال فلا يملك الرجوع قبله، ومنها أن لا يكون للأصيل على الكفيل دين مثله فأما اذا كان فلا يرجع لانه اذا أدى الدين التقى الدينان قصاصا اذ لو ثبت للكفيل حق الرجوع على الاصيل لثبت للاصيل أن يرجع عليه أيضا فلا يفيد فيسقطان جميعا، ولو وهب صاحب الدين المال للكفيل يرجع على الاصيل لان الهبة فى معنى الاداء لانه لما وهب منه فقد ملك ما فى ذمة الاصيل فيرجع عليه كما اذا ملكه بالاداء واذا وهب الدين من الاصيل برئ الكفيل لان هذا وأداء المال سواء لانه لما وهبه منه فقد ملك ما فى ذمته كما اذا أدى ومتى برئ الاصيل برئ الكفيل لان براءة الاصيل توجب براءة الكفيل ولو مات الطالب فورثه الكفيل ترجع على الاصيل، ولو ورثه الاصيل يبرأ الكفيل لان الارث من أسباب الملك فيملكه الاصيل ومتى ملكه برئ فيبرأ الكفيل كما اذا أدى، ولو أبرأ الطالب الكفيل لا يرجع على الاصيل لان الابراء اسقاط‍ وهو فى حق الكفيل اسقاط‍ المطالبة لا غير ولهذا لا توجب براءة الكفيل براءة الاصيل فلم يكن فيه معنى تمليك الدين أصلا فلا يرجع ولو أبرأ الكفيل المكفول عنه مما ضمنه بأمره قبل أدائه أو وهبه منه جاز حتى لو أداه الكفيل بعد ذلك لا يرجع عليه لان سبب وجوب الحق له على الاصيل وهو العقد باذنه موجود والابراء عن الحق بعد وجود سبب الوجوب قبل الوجوب جائز كالابراء عن الاجرة قبل مضى مدة الاجارة (١).

واذا أبرأ الكفيل المكفول عنه مما ضمنه بأمره قبل أن يؤديه أو وهبه منه صح الابراء والهبة وسقط‍ بذلك حق الكفيل فى استرداد ما يؤديه عنه بعد ذلك (٢).

[ثبوت حق الاسترداد للمكفول عنه]

ولو لم يؤد الكفيل ما كفل به حتى عجل الاصيل لما كفل عنه ودفع الى الكفيل ينظر ان دفعه اليه على وجه القضاء


(١) بدائع الصنائع ج ٦ ص ١٣، ١٤ الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ١٤ الطبعة السابقة.