للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على التكسب فى طريقه وكذلك لا يجب على من أعسر بالراحلة الصالحة لمثله، أو لا يملك ما يقدر به على تحصيل ذلك فاضلا عما يحتاج اليه من سكن وخادم وقضاء دينه ونفقته ونفقه عياله على الدوام. والاعسار بالراحلة انما يعتبر فى الشخص الذى يبعد عن مكة بمسافة قصر - وهى ستة عشر فرسخا برا وبحرا أو مسيرة يومين - فأما القريب الذى يقدر على المشى فلا يعتبر اعساره بالراحلة، لأنها مسافة قريبة يمكنه السعى اليها. ولو تجشم الحج من أعسر بهما كان حجه صحيحا مجزئا عن حجة الاسلام، ويستحب له أن يفعل ذلك ان أمكنه من غير ضرر يلحق بغيره.

ويكره لمن أعسر بهما أن يسأل الناس ليحج، لأنه يضيق على الناس ويصير كلاّ عليهم فى التزام ما لا يلزمه ولا يصير المعسر بهما موسرا ببذل غيره له بحال فلا يجب عليه الحج ولا العمرة سواء كان الباذل قريبا أو أجنبيا.

وسواء بذل الركوب والزاد بعينهما أو بذل له مالا (١).

وهذا فى المعسر بهما ابتداء.

أما من أعسر بعد وجوب الحج عليه لكمال شرائطه فيه فى أى وقت من عمره فانه لا يسقط‍ عنه ويبقى فى ذمته يؤديه متى أيسر. وكذلك من أعسر بعد وجوب العمرة عليه لا تسقط‍ عنه وروى أنهما لا يسقطان ويبقيان فى ذمة من أعسر بعد أو عدم تخليه الطريق يمانع من عدم ونحوه (٢).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: الاعسار بالحج يتحقق فى كل من لا مال له وقت الحج يمكنه منه ركوب البر أو البحر والعيش منه حتى يبلغ مكة ويعود الى موضع عيشه وأهله. والاعسار بهذا المعنى لا يسقط‍ الحج ولا العمرة عمن وجبا عليه لأن الاعسار جزء من عدم الاستطاعة المشتمل عليه وعلى عدم صحة الجسم وعدم الطاقة على المشى والعجز عن التكسب من عمل أو تجارة بما يبلغ به الى الحج ويرجع الى أهله والمشتمل أيضا على أن لا يكون للشخص غير المستطيع لاعساره مثلا من يطيعه فيحج عنه ويعتمر بأجرة أو بغير أجرة فمن تحقق فيه كل هذه الأشياء مجتمعة وقت الحج فلا حج عليه ولا عمره (٣).

ومن استطاع أداءهما فى الوقت المحدد بأحد هذه الوجوه كأن كان صحيحا أو موسرا أو له من يحج عنه فلم يؤدهما حتى أعسر أو مرض فانهما لا يسقطان عنه ويلزمه أداؤهما على تفصيل ينظر فى مصطلح «حج وعمرة» (٤).


(١) المغنى والشرح الكبير ج ٣ ص ١٦٩ - ١٧٤، ٢٠١ الطبعة الأولى مطبعة المنار سنة ٢٣٤٦ هـ‍، القواعد لابن رجب ج ١ ص ٢٩٧ طبعة أولى مطبعة الصدق الخيرية سنة ١٣٥٢
(٢) القواعد لابن رجب ج ٣ ص ١٦٣، ١٦٤، ١٧٤، ١٧٥، ١٩٥، ج ٨ ص ٥٨٤
(٣) المحلى ج ٧ ص ٣٢، ٣٣ مسألة رقم ٨١٥، ص ٤٣٠ مسألة رقم ٩١٢.
(٤) المحلى ج ٧ ص ٤٨ مسألة رقم ٨١٨، ص ٤٣١ رقم ٩١٣.