للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمجرد النية لا ينعقد البيع وانما ينعقد البيع الآن بالتعاطى، والآن المبيع معلوم فينعقد البيع صحيحا، ورتب ابن عابدين على ذلك صحة البيع فيما اذا تأخر دفع الثمن فقال: ووجه ما مر أن ثمن الخبز معلوم فاذا انعقد بيعا بالتعاطى وقت الاخذ مع دفع الثمن قبله فكذا اذا تأخر دفع الثمن بالأولى وهذا ظاهر فيما اذا كان ثمنه معلوما وقت الأخذ مثل الخبز واللحم أما اذا كان ثمنه مجهولا فانه وقت الاخذ لا ينعقد بيعا بالتعاطى لجهالة الثمن فاذا تصرف فيه الآخذ وقد دفعه البياع برضاه بالدفع وبالتصرف فيه على وجه التعويض عنه لم ينعقد بيعا وان كان على نية البيع لان البيع لا ينعقد بالنية فيكون شبيه القرض المضمون بمثله أو بقيمته فاذا توافق على شئ بدل المثل أو القيمة برئت ذمة الآخذ لكى يبقى الاشكال فى جواز التصرف فيه اذا كان قيميا فان قرض القيمى لا يصح فيكون تصحيحه هنا استحسانا كقرض الخبز والخميرة ثم قال ابن عابدين ويمكن تخريجه على الهبة بشرط‍ العوض أو على المقبوض على سوم الشراء، وفى الاشباه ورد: لو أخذ من الارز والعدس وما أشبهه وقد كان دفع اليه دينارا مثلا لينفق عليه ثم اختصما بعد ذلك فى قيمته هل تعتبر قيمته يوم الاخذ أو يوم الخصومة قال فى التتمة تعتبر يوم الاخذ، قيل له: لو لم يكن دفع اليه شيئا بل كان يأخذ منه على أن يدفع اليه ثمن ما يجتمع عنده، قال:

يعتبر وقت الأخذ لأنه سوم حين ذكر الثمن، وفى كل ما ورد عن استجرار تفصيل كثير فى المذاهب يرجع فيه الى مصطلح (بيع) ومصطلح (قرض) ومصطلح (قيمة).

[مذهب المالكية]

قال مالك: ولا بأس أن يضع الرجل عند الرجل درهما ثم يأخذ منه بربع أو بثلث أو بكسر معلوم سلعة معلومة بذلك الكسر واذا لم يكن فى ذلك سعر معلوم وقال الرجل آخذ منك بسعر كل يوم فهذا لا يحل لانه غرر يقل مرة ويكثر مرة ولم يفترقا على بيع معلوم قال الشارح وهذا كما قال:

ان الرجل يجوز له أن يضع عند الرجل درهما ويأخذ منه ببعضه ما شاء ويترك عنده الباقى وذلك يكون على ثلاثة أوجه أحدها أن يضعه عنده مهملا وذلك جائز.

الثانى - أن يقول له آخذ به منك كذا وكذا من التمر أو كذا وكذا من اللبن أو غير ذلك يقدر معه فيه سلعة ما ويقدر ثمنها قدرا ما ويترك ذلك حالا يأخذه متى شاء أو يؤقت له وقتا ما فهذا جائز.

والثالث - أن يترك عنده فى سلعة معينة أو غير معينة على أن يأخذ منها فى كل يوم بسعره عقدا على ذلك ببيعها فان ذلك غير جائز لان ما عقد عليه من الثمن مجهول وذلك من الغرر الذى يمنع صحة البيع (١)، وجاء فى حاشية الدسوقى


(١) كتاب المنتقى شرح موطأ مالك للقاضى أبى الوليد سليمان بن خلف بن سعد الباجى الاندلسى ح‍ ٥ ص ١٥ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٣٢ هـ‍.