للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصى أن هذا جميع ما له عليه لم يصدق على الورثة لأنه مجازف في هذا الإقرار لا طريق له إلى معرفة كون المقبوض جميع ما له للميت عليه بخلاف ما إذا أقر الموصى بذلك لأنه عالم بما أقر به ولأنه مسقط لما وراء ذلك من جهته وهو يملك الإسقاط فأما الوصى فلا يملك إسقاط شئ من حق الورثة وإنما يملك الاستيفاء ثم هذا من الوصى إقرار على الغير ومن الموصى إقرار على نفسه وكذلك إبراء الوصى الغريم لا يجوز، وإذا (١) نفذ الوصى أمور الميت وسلم الباقى إلى الوارث وأراد أن يكتب على الوارث كتاب براءة للوصى من كل قليل أو كثير فللوارث أن يمتنع من ذلك لأنه لا يدرى أن ما سلم إليه جميع حقه فلعله أخفى بعض ذلك أو أتلفه فإن الخيانة من الأوصياء ظاهرة وأداء الأمانة منهم نادر فلا يجب على الوارث أن يكتب له البراءة إلا بما أخذ منه بعينه فهذا هو العدل بينهما.

[مذهب المالكية]

جاء في الدسوقى (٢) وحاشيته أنه يشترط في الوصى أن يكون عدلًا فيما ولى عليه فلا يصح لخائن أو لمن يتصرف بغير المصلحة الشرعية إلى أن قال وطرؤ الفسق على الوصى يعزله إذ تشترط عدالته ابتداء ودوامًا أي يكون موجبًا لعزله عن الوصية لا أنه ينعزل بمجرده فتصرفه بعد طرؤ الفسق وقبل العزل ماض وإن أوصى لاثنين بلفظ واحد كجعلتكما وصيين أو بلفظين في زمن واحد أو زمنين من غير تقييد باجتماع أو افتراق حمل على قصد التعاون فلا يستقل أحدهما ببيع أو شراء أو نكاح أو غير ذلك بدون صاحبه إلا بتوكيل منه أما إن قيد الموصى في وصيته بلفظ أو قرينة باجتماع أو انفراد عمل به قال ابن عبد السلام ولم يجعلوا وصيته للثانى ناسخة للأول وإن مات أحدهما أو اختلفا في أمر كبيع أو شراء أو تزويج أو غير ذلك فالحاكم ينظر فيما فيه الأصلح هل يبقى الحى منهما أو يجعل معه غيره في الأولى أو يرد فعل أحدهما أو يردهما معًا في الثانية ثم قال ولا يجوز لأحدهما إيصاء في حياته دون إذن صاحبه وأما بإذنه فيجوز ولا يجوز لهما قسم المال بينهما ليستقل كل بقسم منه يتصرف فيه على حدته وإلا بأن اقتسماه ضمنًا لما تلف منه ولو بسماو للتفريّط فيضمن كل ما تلف منه أو من صاحبه لرفع يده عما كان يجب وضعها عليه.

[مذهب الشافعية]

وجاء في (٣) "المهذب": أنه لا تجوز الوصية إلا إلى بالغ عاقل حر عدل فأما الصبى والمجنون والعبد والفاسق فلا تجوز الوصية إليهم لأنه لا حظ للميت ولا للطفل في نظر هؤلاء ولهذا لم تثبت لهم الولاية وأما الكافر فلا تجوز الوصية إليه في حق المسلم لقول الله عز وجل: {لا


(١) المرجع السابق جـ ٢٨ ص ٣٤ الطبعة السابقة.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للعالم العلامة شمس الدين الشيخ محمد عرفة الدسوقى على الشرح الكيير لأبى البركات سيدى أحمد الدردير وبهامشه الشرح المذكور مع تقديرات للمحقق سيدى الشيخ محمد عليش جـ ٤ ص ٤٥٢ ص ٤٥٣ ص ٤٥٤ طبع مطبعة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابى الحلبى وشركاه.
(٣) المهذب للشيخ الإمام الزاهد الموفق أبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروزاباى الشيرازى جـ ١ ص ٤٦٣ في كتاب بأسفله النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر سنة ١٢٩٥ هـ.