للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوصى غير مقبول عليه في وصول الخمسمائة إليه وإن كان مقبولًا في براءته عن الضمان وإنما بقى من التركة الخمسمائة التي أقر المصدق بقبضها فيلزمه أن يدفع نصفها إلى شريكه بعد أن يحلف شريكه ما قبض شيئًا لأن المصدق يدعى الاختصاص بهذه الخمسمائة والوصى يشهد له بذلك ولا يثبت الاختصاص بقولهما وما زاد على هذه الخمسمائة من التركة كالبادى، وإذا قضى (١) الوصى دينًا على الميت بشهود فلا ضمان عليه وإن كان قضى ذلك بغير أمر القاضي لأنه قائم مقام الموصى في حوائجه وتفريغ الذمة بقضاء الدين من حوائجه وقد كان لصاحب الدين أن يأخذ دينه إذا ظفر بجنس حقه من التركة فللوصى أن يعطيه ذلك أيضًا وإن لم يأمره به القاضي. والوصى (٢) مصدق في كفن الميت فيما يكفن به مثله لأنه مسلط على ذلك أمين منصوب له ولو اشترى الوصى الكفن من ماله ونقد له الثمن كان له أن يرجع في مال الميت لأنه كفن ومعنى هذا أن الكفن لا يمكن تأخيره وقد لا يكون مال الميت حاضرًا يتيسر الأداء منه في الحال فيحتاج الوصى إلى أن يؤدى ذلك من مال نفسه ليرجع به من مال الميت وكذلك الوارث قد يحتاج إلى ذلك فلا يكون متبرعًا فيما أداه من مال نفسه وكذلك لو قضى الوصى أو الوارث من ماله دينًا كان على الميت بشهود فله أن يرجع به من مال الميت لأنه هو المأخوذ وهو الذي يخاصم في دين الميت معناه قد ثبت عليه الدين في حال لا يتيسر عليه أداؤه من مال الميت فيحتاج إلى الأداء من مال نفسه ليرجع به في مال الميت ولا فرق في حق الميت بين أدائه من ماله وبين أدائه من مال نفسه ليرجع به في ماله، وكذلك الوصى يشترى لليتيم الطعام والكسوة من ماله بشهادة الشهود أو يؤدى من مال نفسه خراجهم بشهود فله أن يرجع بذلك في مال الميت لأن شراء ما يحتاج إليه الصبى لا يقبل التأخير وفى الخراج بعدما طولب بالأداء لا يتمكن من التأخير فيؤدى من مال نفسه لعدم تيسر الأداء من مال الميت في ذلك الوقت فلا يصدق على أداء الإخراج ولا شراء شئ من ماله إلا بشهادة شهود على ذلك لأنه يدعى لنفسه دينًا في مال الميت وهو لم يجعل أمينًا في ذلك، وإن كان للميت عنده مال فقال: أديت منه وأنفقت منه عليه فهو مصدق في ذلك بالمعروف لأنه أمين فيما في يده من المال فهو ينفى الضمان عن نفسه بما يخبر به مما هو محتمل فيقبل قوله في ذلك وهو نظير المودع إذا أمره المودع بقضاء دينه من الوديعة فزعم أنه قضى صاحب الدين دينه كان القول قوله مع اليمين في براءة نفسه عن الضمان بخلاف ما إذا أمره بقضاء دينه من مال نفسه فقال قد قضيت لا يقبل قوله في إثبات حق الرجوع له عليه إلا ببينة. وإذا قبض الوصى دينًا كان للميت على إنسان كتب له البراءة بما قبض ولم يكتب البراءة من كل قليل أو كثير لأنه لا يدرى لعل للميت مالًا سوى ذلك فيكون بما يكتب عليه البراءة من كل قليل وكثير مبطلًا لحق الميت ولأنه أمين فيما يقبضه فإنما يكتب له البراءة عما هو أمين فيه وهو ما وصلت إليه يده ولو أقر


(١) المبسوط للإمام شمس الدين السرخسى جـ ٢٨ ص ٣١ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٢) المرجع السابق جـ ٢٨ ص ٣١ الطبعة السابقة.