للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى غيره على ما عرف من أصلنا وولاية الكافر في الجملة إلا أنه لم يتم النظر لتوقف ولاية العبد على إجازة مولاه وتمكنه من الحجر بعدها، والمعاداة الدينية الباعثة على ترك النظر في حق المسلم، واتهام الفاسق بالخيانة فيخرجهم القاضي عن الوصية ويقيم غيرهم مقامهم إتمامًا للنظر وشرط في الأصل أن يكون الفاسق مخوفا منه على المال لأنه يكون عذرًا في إخراجه وتبديله بغيره، ومن عجز عن القيام بالوصية ضم القاض إليه غيره لأن في الضم رعاية لحقين حق الموصى وحق الورثة لأن تكميل النظر يحصل به لأن النظر يتم بإعانة غيره، ولو شكا الوصى إليه ذلك فلا يجيبه حتى يعرف ذلك حقيقة لأن الشاكى قد يكون كاذبًا تخفيفًا على نفسه. ولو ظهر لقاض عجزه أصلًا استبدل به غيره للنظر من الجانبين ولو كان قادرًا على التصرف وهو أمين فيه ليس للقاضى أن يخرجه لأنه مختار الميت، ولو اختار غيره كان دونه فكان إبقاؤه أولى ألا ترى أنه يقدم على أب الميت مع وفور شفقته فأولى أن يقدم على غيره وكذا إذا شكت الورثة أو بعضهم الموصى إليه لا ينبغى له أن يعزله حتى يبدو له منه خيانة لأنه استفاد الولاية من الميت غير أنه إذا ظهرت الخيانة فاتت الأمانة والميت إنما اختاره لأجلها وليس من النظر إبقاؤه بعد فواتها وهو لو كان حيا لأخرجه منها فينوب القاضي منابه عند عجزه ويقيم غيره مقامه كأنه مات ولا وصى له وجاء في المبسوط (١): لو كان الورثة صغارًا فقال الوصى أنفقت عليهم كذا درهمًا فإن كان ذلك نفقة مثلهم في تلك المدة أو مع زيادة شئ قليل فهو مصدق فيه وعليه اليمين إن اتهموه لأنه أمين فالقول قوله في المحتمل مع اليمين ثم هو مسلط على الإنفاق عليهم بالمعروف وبالقليل من الزيادة لا يخرج إنفاقه من أن يكون بالمعروف لأن التحرز عن ذلك القدر غير ممكن والمسلط على الشئ إذا أخبر فيما سلط عليه بما لا يكذبه الظاهر فيه يجب قبول قوله كالمودع يدعى رد الوديعة وإن اتهموه عليه اليمين لدفع التهمة، وإذا كان في الورثة صغير وكبير فقاسم الوصى الكبير وأعطاء حصته وأمسك حصة الصغير فهو جائز لأنه قائم مقام الصغير في التصرف في ماله والمقاسمة مع الكبير من التصرف في ماله لأنه تميز به ملكه عن ملك فيكون فعله كفعل الصغير بعد بلوغه. وإذا غيره فيكون فعله كفعل الصغير بعد بلوغه، وإذا كانت الورثة صغارًا فقال الوصى أنفقت على هذا كذا وعلى هذا كذا وكانت نفقة أحدهما أكثر فهو مصدق فيما يعرف من ذلك لأن النفقة للحاجة وربما تكون حاجة أحدهما أكثر لأنه كان أكبر سنًا أو لأن الناس يتفاوتون في الأكل فباختياره مع التفاوت لا يزول احتمال الصدق في كلامه ولا يخرج الظاهر من أن يكون شاهدًا له فيقبل قوله في ذلك وإذا قال الوصى للوارثين وهما كبيران قد أعطينكما ألف درهم وهو الميراث فقال أحدهما صدقت وقال الآخر كذبت فإن الذي صدقه ضامن لمائتين وخمسين درهمًا يؤديها إلى شريكه بعدما يحلف شريكه ما قبض الخمسمائة ولا ضمان على الوصى في ذلك لأنه أمين أخبر بأداء الأمانة وقد أقر الذي صدقه بقبض خمسمائة وأنكر الآخر أن يكون قبض وقول


(١) المبسوط للإمام شمس الدين السرخسى جـ ٢٨ ص ٢٩ وما بعدها طبع مطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى.