للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر ذلك المؤيد بالله وظاهر مذهب يحيى إنه يحبس من غير يمين صاحب الدين.

[مذهب الإمامية]

يثبت افلاس المديون الذى يدعى ذلك باقرار الدائن واعترافه بذلك. اما إن كذبه الدائن ولم يكن لمدعى الافلاس بالدين مال ظاهر فإن كان اصل الدين مالا كالقرض او عوضا عن مال كثمن المبيع او عرف له أصل مال وادعى تلفه فإنه يلزمه أن يثبت افلاسه بالبينة المطلعة على باطن امره بكثرة مخالطته وصحبته إن شهدت بالاعسار مطلقا او بتلف المال حيث لا يكون منحصرا فى أعيان مخصوصة والا كفى اطلاع البينة على تلف المال إن كان المال منحصرا فى اعيان مخصوصة. وإن لم تكن البينة مطلعة على باطن امره يسرا وعسرا. وتشهد البينة باثبات يتضمن النفى لا بالنفى الصرف بإن يقول الشاهد فى الاثبات: إنه معسر وفى النفى:

لا يملك الا قوت يومه وثياب بدنه، ونحو ذلك.

واذا أقام المديون البينة على افلاسه وطلب الدائنون من القاضى تحليفه اليمين كان لهم ذلك، لأن الشاهدين يشهدان على ظاهر حاله، ويجوز إن يكون له مال لا يقف عليه احد فيتوجه عليه اليمين والاحتياط‍ يقتضيه ولا يؤدى هذا الى تكذيب الشهود، لأنهم شهدوا على ظاهر حاله دون باطنه. وهذا اذا شهدت البينة بالاعسار مطلقا اما لو شهدت بتلف ماله فلا يكلف اليمين ولو لم تكن البينة مطلعة على باطن امره. واذا قامت البينة على الافلاس وجب سماعها فى الحال وتقبل لأن هذه الشهادة ليست على مجرد النفى، وإنما يتضمن النفى اثبات صفة الحال وهى الاعسار فوجب أن تكون مقبولة مثل سائر الحقوق والصفات. وإن كان أصل الدين عليه من جناية او اتلاف مال وادعى الافلاس ولم يعرف له أصل مال فإنه لا يلزمه اثبات ذلك بالبينة، وتقبل دعواه بدونها، لأن الأصل عدم المال، وللدائنين مطالبته باليمين (١).

[مذهب الإباضية]

يثبت افلاس المديون بشهادة رجلين أمينين أو رجل أمين وامرأتين امينتين فصاعدا، ولا يثبت بقول شهادة غيرهم. واذا أراد الشهود إن يشهدوا على رجل بالافلاس فإنهم يقولوا: شهدنا ان هذا الرجل مفلس. وليس له شئ الا إن كان له ما لم نعلم. وإن قالوا: هذا الرجل مفلس، او قالوا:

قد حكم القاضى فلان بافلاسه فأنه يجوز قولهم فى ذلك يكون مفلسا. اما إن قالوا: إن هذا الرجل فقير أو مسكين أو مملوك فلا يفلسه القاضى بذلك.

وإن شهر عليه الدائنون بانه قد فلسه القاضى بدينهم فلا تجوز شهادتهم بذلك. ولا يشهد عليه أنه مفلس الا من اختبر حاله وعلم سره بأن يكون قد علم أنه مفلس من الأصل، أو علم أنه تلف ماله بمعنى من المعانى. وأما من لم يخالطه ولم يختبره الا أنه لم يعلم له مالا هكذا فلا يشهد عليه أنه مفلس وإن لم يعرف للمفلس مال إلا ما كان فى يد غاصب له او لم يعرف له الا حيوان ضال أو مال له على آخر وجحده، وحلف فإن الشهود يستثنونه فى شهادتهم بافلاسه ويقولون: لكن له كذا وكذا بيد الغاصب او نحو ذلك. ولا تقبل شهادة الرجل لابنه ولغيره من كل من يتهم بشهادته له. وإن رجع الشهود عن شهادتهم بالافلاس بعد الحكم بها فلا عبرة برجوعهم هذا اما إن رجعوا قبل الحكم بها فلا يحكم بافلاسه. وإن كتموا شهادتهم بافلاس المديون أثموا ولا ضمان عليهم. وإن شهدوا بالزور إنه مفلس ضمنوا ما أتلفوا لأصحاب الديون الا إن دفع المديون ما طلب منه والشهادة بالافلاس واجبة على الناس كغيرها من الشهادة. وقيل لا تجب عليهم الا


(١) شرائع الاسلام ج ١ ص ٢٠٣ والروضة ج ١ ص ٣٤٦ وتحرير الاحكام ج ١ ص ٢١٦، ٢١٧ وقواعد الاحكام ج ١ ص ١٧٦ والخلاف فى الفقه ج ١ ص ٦٢٣، ٦٢٤.