كتبه القاضى أو ختم بخاتمه المعروف عند القاضى الآخر.
ثم اكتفى المتأخرون بمعرفة خطه واما بالمشافهة وهى غير كافية، لأن أحدهما فى غير محل ولايته، ومن كان فى غير موضع ولايته لا ينفذ حكمه ولم يقبل خطابه.
واذا مات القاضى المكتوب اليه أو عزل لزم من ولى بعده اعمال ذلك الخطاب خلافا لأبى حنيفة.
واذا خاطب قاض قاضيا فان عرف أنه أهل للقضاء قبل خطابه وان عرف أنه ليس أهلا لم يقبله.
[ما يعتبر فى الشهادة عامة]
ذكرنا أن الاشهاد هو طلب الشهود ليتحملوا أو ليؤدوا الشهادة.
وهذا يتطلب الكلام على الشهادة فى الصورة التى يتم بها التحمل والأداء على الوجه المشروع.
والكلام على الشهادة فى صورتها الصحيحة يقتضى الكلام على حجية الشهادة، وحكمها، وشروطها، وأثرها، ومراتبها، ومن تقبل شهادته، ومن لا تقبل، وبعض مواضعها.
حجية الشهادة:
اتفق الفقهاء وأهل العلم جميعا على أن الشهادة طريق من طرق القضاء وحجة يبنى عليها الحكم الملزم بالحق لصاحبه على من يخاصمه فيه وينكره عليه متى قامت على الوجه الصحيح المشروع واستوفت جميع شرائطها وأحكامها التى اعتبرها الشارع، وقد جاء ذلك على خلاف القياس الذى يأبى أن تكون الشهادة حجة فى الأحكام، لأنها خبر محتمل الصدق والكذب. والمحتمل لا يكون حجة ملزمة ولكن ترك هذا القياس بالنصوص.
قال الله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ. فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ.» وقال تعالى «وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ» وقال «وَاللاّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ» وقال فاذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله».
وقال النبى صلّى الله عليه وسلّم «شاهداك أو يمينه. وقال البينة على المدعى واليمين على من أنكر».
ولاجماع الأمة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الآن على أنها حجة يبنى عليها الحكم الملزم والقضاء الواجب التنفيذ .. ولأن حاجة الناس داعية الى ذلك، لأن المنازعات والخصومات تكثر بين الناس وتتعذر اقامة الحجة الموجبة للعلم فى كل خصومة وهى مشاهدة الحادثة عيانا، ووصول الخبر بطريق التواتر المفيد للعلم وهما الطريقان المفيدان للعلم، وغيرهما انما يفيد ظنا، والتكليف انما يكون بحسب الوسع.