أرباب الحقوق نبه على ذلك الأذرعى ويكره تطويل الإمام في الصلاة ليلحق به آخرون سواء كان عادتهم الحضور أم لا أو ليلحق به رجل شريف كما في المحرر وغيره للإضرار بالحاضرين ولتقصير المتأخرين ولأن في عدم انتظارهم حثا لهم على المبادرة إلى فضيلة تكبيرة الإِحرام، ولو أحس في الركوع أو التشهد الأخير بداخل محل الصلاة يأتم به لم يكره له انتظاره بل يباح في الأظهر إن لم يبالغ في الانتظار ولم يفرق. نقله الرافعى عن الإمام إمام الحرمين وأقره بين الداخلين في الصلاة بانتظار بعضهم لصداقة أو شرف أو سيادة أو نحو ذلك دون بعض بل يسوى بينهم في الانتظار لا للتودد إليهم واستمالة قلوبهم. والمذهب استحباب انتظاره بالشروط المذكورة وهو القول الثاني ولا ينتظر في غير الركوع والتشهد الأخير من قيام وغيره. أما إذا أحس بخارج عن محل الصلاة أو لم يكن انتظاره لله تعالى أو بالغ في الانتظار أو فرق بين الداخلين أو انتظره في غير الركوع والتشهد فلا يستحب قطعا بل يكره الانتظار في غير الركوع والتشهد الأخير. وأما إذا خالف في غير ذلك فهو خلاف الأولى لا مكروه. ويستثنى من استحباب الانتظار صور منها إذا خشى خروج الوقت بالانتظار ومنها إذا كان الداخل لا يعتقد إدراك الركعة أو فضيلة الجماعة بإدراك ما ذكر إذ لا فائدة في الانتظار ومنها إذا كان الداخل يعتاد البطء وتأخير التحريم إلى الركوع ومنها ما إذا كانت صلاة المأموم يجب عليه إعادتها كفاقد الطهورين بناء على أن صلاة المحدث في جماعة كلا جماعة والمتجه في هذه استحباب انتظاره ولأن الركعة تحسب عن المأموم في إسقاط حرمة الوقف.
[مذهب الحنابلة]
جاء في كشاف القناع (١): أن من شرط الجماعة أن ينوى الإِمام الإِمامة وينوى المأموم الائتمام سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وإنما لكل امرئ ما نوى" فينوى الإمام أنه مقتدى به وينوى المأموم أنه مقتد كالجمعة لأن الجماعة تتعلق بها أحكام وجوب الإتباع وسقوط السهو عن المأموم وفساد صلاته بفساد صلاة إمامه وإنما يتميز الإمام عن المأموم بالنية فكانت شرطا لصحة انعقاد الجماعة فلو نوى أحدهما دون صاحبه بأن نوى الإمام دون المأموم أو بالعكس أو نوى كل واحد منهما أنه إمام الآخر أو أنه مأمومه لم يصح لهما لأنه أم من لم يأتم به أو ائتم بمن ليس إماما وكذلك لو نوى إمامة من لا يصح أن يؤمه كأمى نوى أن يؤم قارئا أو امرأة نوت أن تؤم رجلا ونحوه كعاجز عن شرط الصلاة نوى أن يؤم قادرا عليه لم تصح صلاتهما لأن كلا من الإمامة والائتمام فاسدان وكذلك لو نوى الائتمام بأحد الإِمامين لا يعنيه لم تصح صلاته لأنه لم يعين وكذلك لو نوى الائتمام بالإمامين لم تصح صلاته لأنه لا يمكنه الاقتداء بهما وكذلك لو نوى الائتمام
(١) انظر كتاب كشاف القناع عن متن الإقناع لأبى عبد الله بن منصور بن إدريس الحنبلى وبهامشه منتهى الإرادات لأبى عبد الله بن منصور بن يونس البهوتى جـ ١ ص ٣١٣ وما بعدها طبع المطبعة العامرة الشرفية سنة ١٣١٦ هـ الطبعة الأولى، وانظر كتاب المغنى للعلامة موفق الدين أبى عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة على مختصر الإمام أبى القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله بن أحمد الخرقى جـ ٢ ص ٦٠ وما بعدها والشرح الكبير عليه لشمس إلدين أبى الفرج عبد الرحمن بن أبى عمر محمد بن أحمد بن قدامة المقدسى طبع مطبعة المنار بمصر سنة ١٣٤٥ هـ الطبعة الأولى.