للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى حاشية العدوى عن أبى الحسن أن الصائم اذا تحقق أن الكحل يصل الى حلقه لم يكن له أن يفعل وان شك كره وليتماد فى صومه وعليه القضاء فان علم أنه لا يصل فلا شئ عليه. ومحل وجوب القضاء فيما يصل من العين ان فعله نهارا فان فعله ليلا فلا شئ عليه فى هبوط‍ ذلك نهارا للحلق لأنه غاص فى أعماق البدن فكان بمنزلة ما ينحدر من الرأس الى البدن (١).

[مذهب الشافعية]

يجوز للصائم أن يكتحل لما روى عن أنس رضى الله عنه: (أنه كان صلّى الله عليه وسلم - يكتحل وهو صائم) ولأن العين ليس بمنفذ فلم يبطل الصوم بما وصل اليها (٢). وعن أنس أيضا قال: (جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلّم فقال:

اشتكت عينى أفأكتحل وأنا صائم؟ قال:

نعم) رواه الترمذى. وعن نافع عن ابن عمر قال: خرج علينا رسول الله صلّى الله عليه وسلم وعيناه مملؤتان من الكحل وذلك فى رمضان (٣) وهو صائم.

قال ابن قدامة فى المغنى ما يفيد أن الكحل اذا وجد الصائم طعمه فى حلقه أو علم وصوله اليه أفطر والا لم يفطره نص عليه أحمد وقال ابن عقيل: ان كان الكحل حادا أفطره (٤) والا فلا.

[مذهب الظاهرية]

يرى ابن حزم أن الاكتحال لا ينقض الصوم وان بلغ الى الحلق نهارا أو ليلا بعقاقير أو بغيرها واستدل على ذلك بأن الله تعالى انما نهانا فى الصوم عن الأكل والشرب والجماع وتعمد القئ والمعاصى. وما علمنا أكلا ولا شربا يكون على دبر أو أحليل أو أذن أو عين أو أنف أو من جرح فى البطن أو الرأس وما نهينا قط‍ عن أن نوصل الى الجوف - بغير الأكل والشرب - ما لم يحرم علينا ايصاله (٥).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار أن الكحل لا يفسد اذ كان صلّى الله عليه وسلّم يكتحل وهو صائم (٦). والقاعدة عندهم كما فى شرح الأزهار ان كان ما يصل الى الجوف يفسد الصوم بشروط‍ منها أن يكون جاريا فى الحلق من خارجه فلو جرى فى الحلق ولم يجرى من خارجه بل نزل من الدماغ أو العين أو الخيشوم فانه لا يفسد.

ومثل أصحاب الحواشى على الشرح لما نزل من العين بالكحل وكان القياس عندهم أنه يفطر لأنه جار فى الحلق لكن لورود الدليل السابق عن النبى صلّى الله عليه وسلّم. وكذا سائر الكحالات من الصبر وغيره.


(١) حاشية العدوى على الخرشى ج‍ ٢ ص ٢٤٩.
(٢) المهذب للشيخ الامام أبى اسحق الشيرازى مطبعة عيسى البابى الحلبى ج‍ ١ ص ١٨٦
(٣) المجموع شرح المهذب للامام النووى المطبعة المنيرية ج‍ ٦ ص ٣٤٨.
(٤) المغنى لابن قدامة ج‍ ٣ ص ١٣٨.
(٥) المحلى تصنيف الامام الجليل ابن حزم ادارة الطباعة المنيرية الطبعة الأولى سنة ١٣٤٩ هـ‍. ص ٢١٤ ج‍ ٦ وما بعدها
(٦) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للامام المهدى مع جواهر الأخبار والآثار للمحقق الصعدى مطبعة السعادة الطبعة الأولى سنة ١٣٦٧ هـ‍. ص ٢٥٣ ج‍ ٢.