من ضرر يتعلق بمنافع الأعيان لا يترتب عليه التزام بالتعويض عنها عند الحنفية وذلك بناء على أنها ليست بأموال عندهم ولا تعويض الا فى الأموال لأن أساس التعويض المبادلة بين العوض والمعوض عنه ولا مبادلة جائزة بين مال وما ليس بمال وعلى ذلك لا تضمن المنافع ولا يلزم متلفها أو المفوت لها بعوض عنها ولو كان ذلك فى سبيل مصلحته وانتفاعه وقد استثنوا من ذلك منافع الأموال الموقوفة وأموال اليتيم والمعد للاستقلال استحسانا للمصلحة.
وخالف ذلك جمهور الفقهاء فذهبوا الى تضمين المنافع والزام متلفها بالضمان.
وقد اتفقت جميع المذاهب الاسلامية على عدم الزام من أحدث ضررا أدبيا بأى تعويض عنه بناء على ما ذكرنا من أن أساس التعويض المعاوضة ولا معاوضة الا من مال وغير مال والمنافع الأدبية لا تعد مالا باتفاق. وفى تفصيل أحكام ذلك يرجع إلى (مصطلح منافع ومصطلح ضمان أو تضمين).
[الضرر المباشر والضرر غير المباشر]
تبين مما سبق ذكره ان مناط الالزام بالضمان هو تحقق الضرر المالى فعلا نتيجة لفعل ضار غير أن هذا الضرر قد يحدث نتيجة مباشرة لما باشره المعتدى من فعل دون أن يتوسط بينهما فعل آخر وقد يحدث مع توسط فعل آخر بينهما وفى هذه الحال الأخيرة يجب أن نفرق بين حالين.
حال يكون الفعل المتوسط هو السبب المباشر للضرر بحيث يقطع نسبة الضرر عادة الى الفعل السابق عليه على الرغم من أن له دخلا فى حدوث الضرر ولولاه ما حدث.
وحال لا يكون توسط الفعل واتصاله بحدوث الضرر وترتبه مانعا من نسبة الضرر الى الفعل الأول ففى الحال الأولى يقتصر الالزام بالتعويض على من أحدث الفعل الثانى المتوسط لانتفاء نسبة الضرر الى الفعل الأول وعلى هذا قيل اذا اجتمع المباشر والمتسبب فى أحداث الضرر قدم المباشر على المتسبب وذلك كمن حفر بئرا فى طريق عام فأسقط انسان آخر حيوانا فيه فأتلفه فان الالتزام بالضمان يكون على من أسقط الحيوان لا على من حفر البئر لما ذكرنا اما اذا وقع فيها حيوان بدون أن يدفعه الى ذلك فعل من آخر فان الالزام بالضمان يكون على الحافر أما اذا حفر بئرا فى أرضه فتردى فيها حيوان فلا ضمان عليه لعدم اعتدائه.
وفى استيفاء أحكام هذه الحال فى جميع المذاهب يرجع الى (مصطلح ضمان).
[رابعا - تلف المال تحت يد ضمان]
اليد على مال الغير قد تكون يد أمانة وقد تكون يد ضمان فهى يد أمانة اذا وضعت على المال بمسوغ شرعى كاذن من مالكه أو اذن من الشارع ولم يرد دليل من الشارع على تضمين صاحبها وهى يد ضمان فى غير هذه الأحوال - وذلك اذا وضعت اعتداء أو وضعت بغير اعتداء ولكن ورد عن الشارع ما جعلها يد ضمان.