للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن السلف أهو من التجارة؟ قيل له:

نعم هو من التجارة، وهو بالدراهم وبالدنانير.

والدليل على هذا ما روى عن طريق أبن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلّم قدم المدينة وهم يسلفون فى الثمار السنة والسنتين فقال عليه الصلاة والسّلام من أسلم فليسلم فى كيل معلوم وضرب معلوم الى أجل معلوم وفى خبر آخر: ونقد حاضر الى أجل معلوم.

وقال بعض الأئمة ان السلم يجوز بغير الدنانير والدراهم ولعلهم ذهبوا الى ظاهر قول النبى صلى الله عليه وسلم: من أسلم فليسلم فى كيل معلوم وضرب معلوم الى أجل معلوم حيث لم يذكر فيه الذى يسلمه ما هو (١).

وقال صاحب شرح النيل: وكذا يجوز أن يكون السمك اليابس والطرى ثمنا بالحضور فى السلم (٢). واذا كان لرجل على آخر دراهم فأسلمها اليه فى مكيل أو موزون فلا خير فيه، لأنه أسلم دينا فى شئ الى أجل وجاءت فيه الكراهة عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ويحتمل أن يريد ابن عباس أنه مكروه ليس على الاطلاق وانما اذا كان معه دراهم أخرى حاضرة (٣).

واذا كان رأس مال السلم ذهبا أو فضة بلا وزن كقطعة ذهب أو فضة أو حلى منهما، أو دنانير أو دراهم مسكوكة ولم توزن وقد احتاجت الى وزن لأنها قد تزيد وتنقص، وكالسكة التى تجرى بالعدد كأدوار قسطنطينية وفرنسا والأندلس وسكة الجزائر الحادثة. اذا كان رأس مال السلم شيئا من ذلك فالصحيح عند صاحب شرح النيل أنه يجوز السلم بذلك كله بلا وزن، لأن المعاملة بها تكون بين الناس بعددها بدون اعتبار وزنها، لأن الشئ الحاضر المرئى يجوز البيع به وبيعه.

ولكن بعض الائمة لا يجيز سلمها بالعدد على حال لأن التعارف فيها - فى البيوع اذا وقعت عليها - الاجماع فيها على الوزن الا ما خص من المواضع المعروفة لا على العموم (٤).

[حكم التوكيل فى السلم]

[مذهب الحنفية]

ذكر ابن نجيم من الحنفية أن التوكيل فى السلم يجوز من جانب رب السلم بدفع رأس المال أو بقبول السلم كما فى الجوهرة، ولا يجوز التوكيل من جانب المسلم اليه بأخذ رأس المال، لأن الوكيل اذا قبض رأس المال بقى المسلم فيه فى ذمته وهو مبيع ورأس المال ثمنه ولا


(١) الايضاح للشيخ عامر النفوسى ج ٣ ص ٢٢٢ وما بعدها.
(٢) شرح النيل ج ٤ ص ٣٦٩.
(٣) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٦١.
(٤) المرجع السابق ج ٤ ص ٣٥٩.