وهذا فى غير الحدود، وعند طلب صاحب الحق. ولم يخالف فى ذلك أحد، لأن الله تعالى قد نهى عن كتمان الشهادة بقوله «وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ» والنهى عن الشئ أمر بضده، فيكون أداء الشهادة مأمورا به، وأكد هذا النهى الأمر بتهديد من يكتم الشهادة بالعقاب بقوله «ومن يكتمها فانه آثم قلبه» فانه حكم صريح بثبوت الاثم على الكتمان ومن لازم الاثم العقاب ..
وانما كان أمر أداء الشهادة على هذا الوضع، لأنه بالشهادة تحيا الحقوق وتثبت وبدونها تضيع وتهلك.
أما فى الحدود كالزنا وشرب الخمر والسرقه فان أداء الشهادة فيها غير واجب أصلا، لأن الشاهد مخير فيها بين أن يشهد، وان لا يشهد، بل ان ترك الشهادة أفضل تحصيلا للستر المطلوب شرعا بحديث «من ستر على مسلم ستره الله فى الدنيا والآخرة.
وهذا فى غير المتهتك الفاجر، أما هو فالشهادة عليه أولى منعا للشر والفساد فى غير حد السرقة فان الشهادة فيه واجبة احياء للمال ولكن يقول فى شهادته «أخذ» ولا يقول سرق كما سيأتى.
[محل وجوب أداء الشهادة]
والحقوق التى يراد اثباتها بالشهادة تنقسم الى قسمين حقوق الله، وحقوق العباد ..
وحقوق الله تنقسم الى قسمين: الحدود، وغير الحدود.
فالأقسام ثلاثه حقوق العباد، وحقوق الله غير الحدود. وحقوق الله التى هى الحدود، ولكل من هذه الاقسام حكم خاص فى وجوب الأداء وعدم وجوبه، وفى شروط الوجوب ان كان الأداء واجبا.
[شروط وجوب الأداء فى حقوق العباد]
يشترط لوجوب أداء الشهادة على الشاهد فى حقوق العباد عند الحنفية شروط، بحيث اذا اختل شرط منها وسع الشاهد أن لا يشهد دون أن يتحمل اثما ولا ذنبا.
١ - أن يطلب صاحب الحق من الشاهد أداء الشهادة ان كان صاحب الحق يعلم بشهادة الشاهد.
وان كان لا يعلم بالشهادة وخاف الشاهد ضياع الحق ان لم يشهد - وجب عليه أن يعلم صاحب الحق بشهادته.
ثم ان طلب منه صاحب الحق بعد ذلك أداء الشهادة وجب عليه الأداء والا فلا.
ووجوب الأداء على الشاهد مشروط بالطلب على كل حال، وبدونه لا يكون الوجوب، اذ يجوز أن يكون صاحب الحق قد طلب حقه، أو تنازل عنه فيكون فى تدخل الشاهد اثارة وتعرض لما لا يعنيه.
٢ - أن يتعين الشاهد لاثبات الحق بحيث اذا لم يشهد ضاع الحق ..
فلو لم يتعين بأن كانت الشهود على الحق كثيرة،