للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسعود رضى الله تعالى عنه وغيره قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقدس أمة لا يقضى فيها بالحق، ويأخذ الضعيف حقه من القوى غير متعتع" (١) وفى تعينه بتعيين الإمام وجهان، قال الإِمام يحيى رضى الله تعالى عنه: أصحهما بتعين فيجبر، إذ دعى إلى واجب، قلت: وكتعيينه للجهاد من شاء، وقيل: لا يجبر لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا لا نجبر على الحكم أحدا" قلنا: يحتمل مع عدم الإِلزام لتأديته إلى تعطل الحكم حيث امتنعوا جميعا، وقد قال النبى - صلى الله عليه وسلم -: "أتدرون من السابقون إلى ظل الله يوم القيامة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: هم الذين إذا أعطوا الحق قبلوه، وإذا سئلوه بذلوه، وإذا حكموا بين الناس حكموا كحكمهم لأنفسهم" (٢).

مذهب الإِمامية:

جاء في الروضة البهية أن القضاء واجب كفاية في حق الصالحين له إلا أنه مع حضور الإمام وظيفة الإِمام أو نائبه، فيلزمه نصب قاض في الناحية ليقوم به ويجب على من عينه الإجابة، ولو لم يعين وجبت كفاية، فإن لم يكن أهلا إلا واحد تعينت عليه، ولو لم يعلم به الإِمام لزمه الطلب، وفى استحبابه مع التعدد عينا قولان: أجودهما ذلك مع الوثوق من نفسه بالقيام به (٣).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أن تولى القضاء فرض كفاية فإن قام به مسلم كفى وإلا هلكوا موافقهم ومخالفهم لأنه يلزمه أن يكون موافقا وأن يقوم بذلك - لا المرأة والعبد ونحوهما ممن لم يخاطب بالقضاء - وهلاك المخالف هلاك آخر غير هلاك خلافه. ويجب على الإمام أن ينصب للناس قاضيا، ومن أبى عن الولاية جبره عليه، ولا ينبغى لأحد أن يطلب القضاء، وإن دعى إليه فالأولى الامتناع لعسره إلا أن تعين عليه فيحبس أو يضرب وإن لم يصلح إلا واحد كان فرض عين عليه، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقضى بين الناس ويأمر أصحابه رضى الله تعالى عنهم بالقضاء بينهم، وبعث عليا رضى الله تعالى عنه إلى اليمن ليقضى بينهم، وبعث عمر رضى الله تعالى عنه أبا موسى الأشعرى إلى البصرة قاضيا وابن مسعود إلى الكوفة (٤). وروى أن عمر رضى الله تعالى عنه دعا رجلا ليوليه القضاء فأبى فجعل يديره على الرضى فيأبى حتى قال أنشدك الله يا أمير المؤمنين أي ذلك تعلم خيرًا لى قال أن لا تلى، قال اعف عنى، قال قد فعلت (٥).


(١) رواه الطبراني، ورواه ابن ماجة عن أبى سعيد أبسط منه.
(٢) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للإمام المهدى لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضى جـ ٥ ص ١١٠ وما بعدها إلى ص ١١٢ الطبعة الأولى بمراجعة وإشراف الأستاذين الشيخ عبد الله محمد الصادق والشيخ عبد الحفيظ سعد عطية طبع مطبعة السنة المحمدية بمصر سنة ١٣٦٨ هـ سنة ١٩٤٩ م.
(٣) الروضة البهية شرح اللمعة الدمشقية للشهيد السعيد زين الدين الجبعى العاملى جـ ١ ص ٥٣٦ طبع دار الكتاب العربى بمصر.
(٤) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش جـ ٦ ص ٥٣٦ طبع محمد بن يوسف البارونى.
(٥) المرجع السابق جـ ٦ ص ٥٤٦ نفس الطبعة.