للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك وصية وقد يكون لمعين وقد يكون لجهة من جهات البر وفى بيان أحكام ذلك تفصيلا فى مذاهب الفقهاء (يرجع الى مصطلح نذر).

[الزام المعروف أو الصلة]

يفترق هذا الالتزام عن النذر بأن النذر كما ذكر التزام قربة لله تعالى فاذا لم يكن ذلك الالتزام مقصودا به القربة الى الله تعالى لم يكن نذرا وأطلق عليه اسم الالتزام بالمعروف أو بالصلة، فاذا كان الملتزم به ليس معروفا بأن كان أمرا منكرا فالالتزام به باطل (١) اتفاقا.

والالتزام بالمعروف هو الالتزام بما لا يلزم شرعا وليس منكرا.

وحكمه أنه غير ملزم قضاء وان طلب الوفاء به ديانة وذلك ما ذهب اليه الحنفية والشافعية والحنابلة والزيدية وأهل الظاهر لأن الملتزم فى هذه الحال يلتزم لا فى مقابلة عوض من الملتزم له فكان لذلك متبرعا والمتبرع لا يلزمه الوفاء قضاء بما تبرع به لقوله تعالى:

«ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ ٢».

وذهب المالكية الى أن الزام شخص نفسه شيئا من المعروف سواء أكان ذلك مطلقا أو معلقا على شرط‍ كان ذلك منه فى حكم العطية ويتم ذلك بصيغة تدل على الالزام وأركانه أربعة كأركان الهبة.

الملتزم والملتزم له، والملتزم به والصيغة ويشترط‍ فى كل ركن من هذه الأركان ما يشترط‍ فى أركان الهبة (راجع مصطلح هبة).

غير أن الركن الثالث وهو الملتزم به لا يشترط‍ فيه أن يكون عينا كما هو الحاصل فى الهبة بل قد يكون بكل ما فيه منفعة واذا كان الالتزام بغير عوض فلا يتم الا بالحيازة ويبطل بالموت والفلس قبلها كما فى سائر التبرعات.

ويصح الالتزام مع جهالة الملتزم به متى كان فى الامكان العلم به عند التنفيذ كما لو التزم شخص لآخر بربحه فى بيع سلعة معينة فانه يقضى عليه به بعد البيع اذا كان لمعين والا لم يقض به وانما يؤمر بالوفاء ديانة

والالتزام بالمعروف فيما يرون يتناول الصدقة والهبة والحبس والعارية والعمرة والرقبى والعرية والمنحة والارفاق والاخدام والاسكان وهذا بمعناه الأعم.

أما بالمعنى الأخص المعروف فلا يراد به الالتزام بمال يعطى على وجه التبرع على وضع لا يعد شيئا مما ذكر والواقع أن الفرق


(١) راجع فتح القدير ج‍ ٣ ص فى أول باب النذر ونهاية المحتاج ج‍ ٨ ص ٢١١ وما بعدها والشرح الكبير ج‍ ٢ ص ١٦٢ ومنتهى الارادات ج‍ ٢ ص ٥٦٢، ص ٥٦٣ والمحلى ج‍ ٨ ص ٢٨ مسألة ١١٢٥ وتحرير الأحكام ج‍ ٢ ص ١٠٥ وما بعدها ونيل الأوطار ج‍ ٨ ص ٢٠٢ وما بعدها وأحكام القرآن للجصاص ج‍ ٢ ص ٢٩٦ وج‍ ٣ ص ٤٤٢.
(٢) الآية رقم ٩١ من سورة التوبة.