بين هذه الحقائق انما هو أمر اعتبارى اعتبره الفقهاء فى كل باب وهو لازم للملتزم به يقضى به عليه ما لم يفلس أو يمت أو يمرض مرض الموت ان كان الملتزم له معينا ولا خلاف فى ذلك عند المالكية الا على القول بأن الهبة لا تلزم بالقول وهو خلاف المعروف من المذهب وقد نقل ابن رشد الاتفاق على لزوم الهبة بالقول وفى المدونة أن من أشهد على نفسه بأنه ضامن بما قضى به لفلان على فلان لزمه ما أوجبه على نفسه من الكفالة وان لم يقبل المكفول له لأن ذلك معروف أوجبه الملتزم على نفسه وفيها أيضا من ضمن لرجل ماله من دين على ميت لزمه ذلك ولم يكن له أن يرجع وعلى ذلك من التزم بالانفاق على شخص مدة معينة أو مدة حياة المنفق أو المنفق عليه أو الى أن يقدم فلان من سفر لزمه ذلك.
واذا كان الملتزم له غير معين كالفقراء والمساكين فالمشهور من مذهب مالك أن الملتزم يؤمر بالوفاء ديانة ولا يقضى عليه به لعدم تعين صاحب الحق، ومن المالكية من ذهب الى أن الحاكم يجبره على التنفيذ اذا علم بذلك دون حاجة الى مخاصمة أو ادعاء والقولان مدكوران فى المدونة واذا كان الالتزام على وجه الحلف أو التعليق قصدا الى فعل شئ أو الى امتناع عن فعل شئ فلا يقضى به ولو تحقق الشرط وانما يجب الوفاء به ديانة سواء أكان الملتزم له معينا أم غير معين وهذا هو المشهور فى المذهب ذلك لأن الملتزم انما قصد بالتزامه أن يفعل شيئا أو أن يمتنع عن فعله وهذا ما يخرج الالتزام عن معنى قصد البر من الملتزم ومن المالكية من ذهب الى أنه يقضى عليه بذلك فقد نقل عن ابن دينار أنه قال من التزم لأمرأته بأنه ان تسرى عليها فالسرية ملك لها فتسرى كانت ملكا لها حتى اذا أعتقها لم ينفذ عتقه والمذهب لا يلزمه ذلك وعن ابن نافع قال اذا باع الرجل سلعة من رجل ثم قال له ان خاصمتك فيها فلك كذا ثم خاصمه لزمه ما التزم به وقد ذكروا ان الالتزام اذا حدث على سبيل المخاطرة لم يكن ملزما كما اذا قال أحد الخصمين للآخر اذا لم آت ببينة أو بمستند على دعواى فى مدة كذا فدعواى باطلة فمثل هذا الالتزام لا يلزم صاحبه.
ومن مسائل الالتزام التى نصوا عليها أيضا ما يأتى:
١ - اذا التزم شخص لآخر بما يخسره ذلك الشخص فى بيعه سلعة معينة لزمه ذلك.
٢ - اذا التزم الموصى بعدم الرجوع فى الوصية لزمه ذلك على الأصح وقيل لا يلزمه وكذلك الحكم اذا التزم الواهب عدم الاعتصار فى هبته والموكل عدم عزل وكيله والمراد بالاعتصار: رجوع الأب فيما وهبه لابنه.
٣ - اذا التزم أربعة أخوة يعملون ٨ التجارة لأخ حاضر عاجز عن الكسب بخمس ربحهم لزمهم ذلك.