للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذهب الشافعية: الى أن الدعوى لا تسمع بدين مؤجل فى الأصح اذ لا يتعلق بها الزامه بالمطالبة باداء حق .. وقيل تسمع لغرض اثباته لا للمطالبة به ومن ثم صحت دعوى عقد مؤجل قصد بها الحكم بصحة العقد ولو ادعى دينا على معسر قاصدا اثباته ليطالبه اذا أيسر فظاهر كلامهم أنها لا تسمع مطلقا (١).

وخالف فى ذلك الحنفية فذهبوا الى سماع الدعوى بالدين المؤجل للمطالبة بصدور الحكم بثبوته.

[دفع الدعوى]

الدفع أن يأتى المدعى عليه أو من انتصب عنه خصما بدعوى اذا ثبتت سقطت دعوى المدعى اما بانعدام شرط‍ تحقق الخصومة بين المدعيين واما لظهور أن المدعى مبطل فى دعواه فكما يصح الدفع يصح دفع الدفع وما زاد عليه. والدفع فى الأصل لا يكون الا من المدعى عليه غير أنه يسمع من غير المدعى عليه اذا كان الحكم المطلوب يمسه على فرض صدوره وذلك يتحقق فى مسائل منها: اذا ادعى شخص على أحد الورثة شيئا فى التركة فيرهن وارث آخر غير المدعى عليه أن المدعى أقر بكونه مبطلا فى الدعوى تقبل دعواه لأن كل واحد من الورثة يقوم خصما عن الباقين فيما لهم وعليهم كما تقدم، وفى جامع الفصولين: مسألة قبل دفعها من غير المدعى عليه وهى المبيع لو استحق من يد المشترى فيرهن البائع على المستحق أنه اشتراه منه يسمع هذا الدفع من البائع ولو لم تكن الدعوى عليه وانما قبل الدفع منه لأن دعوى المستحق تتعدى اليه بمطالبة المشترى اياه بثمن المبيع، والدفع يصح قبل القضاء وبعده اذا كان فيه برهان على ابطال القضاء، قال فى البزازية:

المقضى عليه لا تسمع دعواه الا اذا برهن على ابطال القضاء بأن ادعى دارا بالأرث وبرهن وقضى له ثم ادعى المقضى عليه أنه اشترى تلك الدار من مورث المدعى قبلت دعواه، والدفع انما يقصد به دفع الخصومة وقد يكون ذلك باثبات ألا خصومة بين المتداعيين، وذلك فيما يسميه الفقهاء بالدعوى المخمسة (٢) ويريدون بها أنها دعوى يصح أن يدفع فيها بخمسة دفوع وهى ما اذا ادعى شخص ملكية عين من الأعيان فان للمدعى عليه أن يدفع هذه الدعوى بأن المدعى فيها قد أودعه اياه فلان الغائب أو آجره اياه أو أعاره أو رهنه عنده أو أنه غضبه منه وبرهن على ذلك فان خصومة المدعى تدفع اذا أثبت دفعه هذا بالبينة وأن العين المدعاة وصلت اليه من جهة الغائب على الوجه الذى ذكره وأن يده ليست بيد خصومة لأنه لا يدعى الملك لنفسه قبل المدعى وقيل انما سميت مخمسة لأن فيها خمسة أقوال:

الأول: قول أبى حنيفة وقد تقدم.

الثانى: قول أبى يوسف أن المدعى عليه ان كان صالحا فكما قال الامام وان كان معروفا بالحيل لا تندفع عنه الخصومة ولو أقام البينة.


(١) نهاية المحتاج ح‍ ٨ ص ٣٢٥.
(٢) الدر والتكملة ح‍ ١ ص ٣٤٩ وما بعدها.